في بداية تفشي فيروس (كوفيد – 19) المستجد على نحو يثير القلق، انشغل العالم بجدل بيزنطي عقيم عن ماهية الوباء واسباب انتشاره بسرعة تفوق سرعة الضوء وشهد المجتمع المتجادل انقسامات متعددة، اذ اشار البعض الى تبني اميركا عقوبات اقتصادية فيروسية بحق الصين، التي تتنامى تجارتها الخارجية باضطراد مذهل، بحيث اصبحت تسيطر على السوق العالمية بإنتاج وفير وبأسعار رخيصة، فدخلت في منافسة مع دول صناعية أخرى، ما دفع القطب العالمي اميركا الى تصنيع فيروس معدّل مختبريا قادر على التشظي والانتشار لايقاف تقدّم التنين الصناعي، وهذا الافتراض لم يصمد طويلا بعد ان تلقت الولايات المتحدة نفسها ضربات فيروسية قاسية في عقر دارها حصدت الجائحة اعدادا كبيرة من الضحايا، فضلا عن دول صناعية اخرى، طرف آخر زعم ان الكثير من علماء الغرب تنبؤوا بظهور الفيروس الشرس من قبل وانه سيقضي على ملايين من سكان الكرة الارضية وهذا الزعم الافتراضي تسنده نظرية ماثيوس التي تشجع الحروب والاوبئة، لأن الغلّة الزراعية لن تحقق الاكتفاء الذاتي للسكان الذين يتزايدون بمتوالية هندسية في حين الحاصل الزراعي يتعكّز على متوالية عددية بسيطة، آخرون راهنوا على موت الفيروس في الاجواء الحارة، الاّ انهم خسروا الرهان لامتلاك الفيروس القدرة على التكيّف مع كل الاجواء، اما الطرف المحايد المؤمن بقضاء الله وقدره فقد منح نفسه الطمأنينة، وكما يبدو ان غير المؤمنين ركنوا الى هذا الايمان القدري ولو بشكل مؤقت الى ان يتلاشى الفيروس من كوكبنا، هذه الافتراضات والمزاعم لم تحدّ من اصرار الجائحة على اختراق الحدود بعناد لتصبح الخريطة البشرية تحت تصرفها، وحصل التباعد الاجتماعي بين البشر ولزم الناسبيوتهم من هجمات عنيفة للفيروس واصبح الكل في ريب من الاخر، حتى امست كورونا الكابوس المهيمن على المقدرات والى ذلك شهد العالم خسارات اقتصادية جسيمة وانهيارات في المنظومات الصحية المرموقة في العالم وسجلت عجزا واضحا على استيعاب الاعداد المتزايدة من المصابين وتقديم العلاج الشافي، على الرغم من الجهود الحثيثة التي يبذلها الاطباء في العالم على تقليل الخسائر الانسانية على اقل تقدير، الا ان الارقام في تزايد متصاعد
مستمر.
ولعلَّ الاشنع في جدل الفرضيات حين تبنى البعض فكرة عدم وجود شيء اسمه كورونا والكلام عنه يدخل في لعبة سياسية لالهاء الشعوب البائسة لتمرير مشاريع مريبة تقوها الدول الكبرى.
ومع التطورات المتسارعة للوباء شهد العالم الغني والفقير تراخيا واضحا في تطبيق اجراءات الحظر والتباعد الاجتماعي وخصوصا الدول الشرق الاوسطية التي تعاني من جملة مشكلات اقتصادية وصحية لاسيما وانه ليس هناك سقف زمني محدد لزوال شبح الفيروس وهذا يعني انقطاع مصدر رزقهم اليومي، كما ان الطبيعة البشرية يغلب عليها التواصل المجتمعي ولو بدرجات متفاوتة ويعد البعض كابوس الحظر تقييدا للحرية الشخصية واختراقه يعني الانتصار لنفسه حتى وان دفع حياته ثمنا لمغامرة الحرية!.
لم يشر ماثيوس في نظريته المشؤومة الى فرضية التباعد الاجتماعي ومن ثم الى التباعد الجسدي الذي سوف يخفّض من نسب الولادات، قياساً الى اعداد وفيات كورونا
مستقبلاً.