لا بدَّ من إعادة هيبة الدولة، تعبير ورد على ألسنة جميع رؤساء مجالس الوزراء في بلدنا منذ العام 2003، حتى أصبح من كثر تكراره باهتاً أو حتى مثيراً للسخرية في كثير من الأحيان، إن الهيبة أو المهابة لفظ بالمعنى النفسي مركب من الإجلال والتبجيل، يفضي الى سلوك التقدير والاحترام والالتزام وسيادة القانون، لو وضعت هذه المعاني معايير للحكم أو بالمعنى الأدق معايير لتقييم أداء حكام دولة العراق، التي يريدون لها جميعاً أن تكون مهابة، لأمكن الاستنتاج أن أغلبهم لم يعملوا على تحقيق معنى الهيبة، بل أسهموا في تناقص مستوياتها حتى باتت الدولة في منظور الانسان العراقي أقرب للسبة منها للتقدير والاحترام، ان هيبة الدولة لا يمكن ان تتحقق بمجرد أمنيات يطلقها رئيس، ولا تعابير يدرجها في برنامجه الحكومي مسؤول فحسب، ولا مجرد أهداف يسطرها هذا الحزب اوذاك، أو تدرجها هذه الكتلة أو تلك في أدبياتها لإقناع الجمهور وسحبه وهماً من العقل المشلول الى صندوق الاقتراع لأغراض التصويت المنحاز، إنها تتحقق من فعل يتخذ، من الحسم في تحقيق الفعل المتخذ، من أمثلة كثيرة بينها على سبيل
الإيضاح:
- كشف مطلقي الصواريخ على أهداف أجنبية أو عراقية داخل الدولة، واتخاذ الإجراءات العقابية لمحاسبتهم قانونياً، وهو واقع نرى تكرار حدوثه عشرات المرات، ولم تجرؤ مؤسسات الدولة على أن تمس شخصاً أو جهة تطلق تلك الصواريخ لتهدم جدران هيبة الدولة.
- مواجهة جماعات العنف، ومن اية جهة كانوا، واخضاعهم للقانون، ومراعاة مسؤولية احترام عمل المؤسسات الامنية، والمؤسسات الدبلوماسية، لان هيبة الدولة واحدة، وينبغي أن تشمل جميع العناوين التي تعمل في سياق مؤسسات الدولة، ومحاسبة من يتجاوز هذا السياق
القانوني..
- الصناعة تتوقف، معمل صالح يسد الحاجة يتوقف، مشروع يريد صاحبه أن يسهم في سد الحاجة يتوقف، استثمار لمشاريع يمكن أن تسد الحاجة تتعرقل، يصبح من الواضح أن أسباب العرقلة والتوقف بقصد الإبقاء على الاستيراد العشوائي، أو للاستفادة من أرباح الاستيراد الحصري لهذه الجهة أو
تلك.
......الخ من عشرات المعطيات التي تؤشر العجز عن إعادة هيبة الدولة، لأنها لا تعاد بمجرد كلام يرد على لسان رئيس أو عبارة تسطر في مشروع: إنها إجراءات يتخذها شجعان، والشجعان وحدهم من يعيدون هيبة
الدولة.