تأهيل الدراما التلفزيونية

ثقافة 2020/06/08
...

 

د. صالح الصحن

كثرت الاحاديث والمقالات والتصريحات والاراء المهمة التي تطالب وتدعو الى دراما ناجحة، ولكن رغم كل هذه الافكار والمقترحات المطالبة، لا نرى في الافق ما يدعو الى تطوير الدراما، ولهذا نتمسك بمطالبتنا المستمرة بطرح ما نجده مفيدا، ويمكن القول إن الاعتراف بحاجة الدراما العراقية الى تاهيل ليس عيبا، وانما هو اليقين الراسخ بأن كل العملية الانتاجية دون مستوى الطموح، ولهذا نعتقد بأن هناك اجراءات فاعلة يمكن أن تساعد في تقليل مستوى المشكلات التي تعاني منها الدراما وهي:

١-اصدار قرار جريء، أو مسودة (قانون دعم الدراما)، بوصفها نشاطا ثقافيا للمجتمع، ولابد من دعم مالي بمبلغ معين- من جهات رسمية- يكفي لانتاج اعمال درامية متعددة ومتنوعة،  وان يكون هذا المبلغ المخصص قابلا للزيادة، وبحسب الخطط التي تضعها دائرة ذات صلاحيات مثل شبكة الاعلام العراقي.

٢-تشجيع شركات الانتاج  الدرامي ومدها بالقروض والسلف والتسهيلات الاخرى، وحثّها على الخوض بغمار الانتاج الخاص.

٣-انشاء مكتب خاص بادارة لجنة مخولة لفحص واجازة النصوص، والاعلان عن دعوة كتاب الدراما في كل موسم محدد  لتقديم نصوصهم، بحيث تسلم النصوص وهي مسجلة برقم ووصل اثباتا للحقوق، ويفضل ان تكون هذه اللجنة مركزية تفحص وتجيز اي نص درامي في البلاد، بما في ذلك النصوص التي ترغب القنوات الفضائية بإنتاجها، حفاظا على ذائقة الجمهور والمجتمع من الابتذال والتشويه.

٤- محاسبة الفاسدين، ورصد ظاهرة الفساد، والرشاوى بكل اشكالها المعششة، وعدم صرف اجور ومبالغ  لمن لا يعمل، وتفعيل دور الرقابة في ذلك.

٥- التنسيق مع نقابة الفنانين لتسجيل وتصنيف الفنانين بحسب مستوياتهم،  من مخرجين وممثلين ومصورين وغيرهم من الفنيين، ومراعاة اسلوب التكليف والمشاركات في العمل، ومراعاة عدم الهيمنة عند البعض وتهميش الاخر، واختيار الممثل الملائم للدور المعين، وهذا لا يمنع من رغبة المخرج بمنح احد الادوار لشخص او اكثر غير منتمٍ للنقابة أو لم يمارس التمثيل سابقا.

6- العمل على اشراك جميع العاملين، (كاتب، مخرج، ممثل، مصور، مونتير، مؤثرات وحيل وخدع، مكياج، اضاءة وادارة فنية)،  في ورش تدريبية تاهيلية متطورة في داخل البلاد وخارجها، ومنح فرص لارسال العاملين الى الدول المتقدمة في مجال الانتاج والاخراج والتصوير وغيرها من التقنيات الحديثة،  للاطلاع على احدث تجارب العالم في الدراما التلفزيونية.

٧-  فتح حلقات مناقشة وتحليلات نقدية من قبل كبار النقاد المختصين، لكشف عيوب ومشكلات المنجز الدرامي، وكشف الاخطاء الواردة في المضمون من افكار ومعلومات ومفاهيم، وفي الصورة والمعالجات الاخراجية، وايجاد السبل والطرق الكفيلة بتطوير كتابة السيناريو،  وكذا الحال بالنسبة الى الاخراج واساليبة التقليدية القديمة وما يتطلبه من تقنيات واساليب اخراجية حديثة، وغيرها من العناصر.

٨- تفعيل وتطوير حرفة الانتاج الدرامي التلفزيوني،  بوصفه عملا فنيا جماليا ابداعيا، وليس عملا ربحياً فقط ، وهذا ما يتطلب ثقافة فنية خاصة ووعيا كبيرا، لخلق جيل واع من المنتجين بمستوى رابطة فنية تسعى الى زيادة عدد المنتجين.

٩- العمل على اختيار نصوص رصينة، اسوة بما يُكتب في العالم من نصوص، عبر دعمها بافكار ومواضيع ذات قصص ممتعة مشوقة مسبوكة، تتناول قضايا الانسان المصيرية والمهمة ومعاناته وتطلعاته، ومواضيع الوطن والجمال والرموز الثقافية والاجتماعية والروحية والفكرية، وبحرفة عالية في اسلوب الكتابة،  وتحمل رسالة ومضامين تلامس تطلعات المجتمع وقيمه وتقاليده ومشاعره وذائقته .

١٠-  القضاء على ظاهرة الكروبات والعلاقات ذات المصالح النفعية، ومحاسبة اساليب التشهير والتسقيط والسخرية بين ابناء الوسط الفني.

١١- اشاعة ثقافة التواصل بين الاجيال المختلفة بروح ايجابية، ومعروف أن اية حرفة وميدان في الحياة العملية والمعرفية، لابد من ان تكون قد مرت باجيال متواصلة، وهنا يمكن التصنيف الى ثلاثة أصناف: (الرواد والوسط والشباب)، وان هناك اكثر من حاجة للتواصل بين هذه الاجيال بمنتهى المحبة والتقدير والاحترام، وبدون ادنى استخفاف او استهزاء او تهميش او صراع بين هذا وذاك، تمسكا بالتعامل المهني اللائق والمهذب في الوسط الفني، ومنح فرص العمل بشكل متوازن وبحسب الكفاءة والمهارة.

١٢- ضرورة وضع نظام تنسيق بين المؤسسات الانتاجية الحكومية، والشركات الخاصة أو القنوات التلفزيونية المنتجة للدراما والتعاون بينهما.

١٣-العمل على تحديث التقنيات من كاميرات الى اجهزة اضاءة، مع معدات التصوير المتطورة، مع سيتات انظمة مونتاج فائقة الكفاءة، مع منظومات المؤثرات الصورية والصوتية والحيل والخدع الفنية.

١٤- وضع نظام اجور لكل العاملين في الدراما العراقية، بما يناسب مكانة الفنان وجدارة الاداء، لقطع الشعور السلبي في حال المقارنة مع اجور الفنانين العرب في ذات القطاع.

١٥-اصدار لوائح او ضوابط او قوانين او تعليمات مجزية بقانون رسمي، يعد غطاءً لتسهيل امر العمل في الانتاج التلفزيوني وانجاز الاعمال، ويحدد سياقات العمل وفق الضوابط.

١٦-نرى من المبادرات المخلصة ان تشترك اكثر من قناة بانتاج عمل مسلسل بانتاج مشترك، يعود بالفائدة للجهات المساهمة، بل ويخفف من التكاليف العالية التي لا تستطيع قناة واحدة تحملها، الامر الذي يتطلب التعاون والتفاعل الايجابي بين المؤسسات بشكل راق.

١٧-الايمان الراسخ بان اي قطاع في الحياة العملية الميدانية كالانتاج الدرامي التلفزيوني مثلا، لابد من  قيادته بادارة متخصصة وذات صلاحيات نافذة وتحظى بقبول الجميع، ولها كفاءة عالية في الادارة الناجحة دون ادنى خسائر، لانتاج دراما عراقية تحقق نتائج باهرة ويفخر بها البلد.

١٨- بالامكان وضع لوائح عمل لا تجيز المواضيع التي تحط من قدر وقيمة شريحة او فئة معينة، أو الترويج للافكار الهدامة والطائفية واللا أخلاقية، أو  التعصب الديني والعرقي، أو اية افكار داعية  للتشظي والانحلال والتخريب....

19- واخيرا نريد دراما بقصة مهمة ممتعة ذات هدف ورسالة، ومكتوبة باسلوب حديث غير تقليدي، وتمثيل باهر بادوار مختلفة، وكفاءة انتاجية عالية، بادارة فنية ماهرة وتصوير متقن، بصور نحسبها لوحات فنية بتتابع سردي محكم وشطارة اخراجية فائقة.

20-نبارك لو اتيحت فرصة العمل المشترك مع جهة عربية او اجنبية لاغراض تبادل الخبرة والاستفادة والانفتاح على العالم.