قلق مبرر

آراء 2020/06/10
...

نوزاد حسن
انا لست بخير .لا اقول انني مريض لكني في الحقيقة حزين جدا ولا اعرف كيف اتخلص من قلقي.ابحث عن حل يعطيني جرعة من اللامبالاة التي تجعل مزاجي افضل لكني لم احصل على هذه الجرعة.لذا اظل اعاني وافكر دون توقف.
  ببساطة وبلا اية مقدمات اواجه مع كل خبر اسمعه اسئلة اطرحها على بعض الاصدقاء.ومحور اسئلتي كلها يتعلق بعلاقتنا الشخصية مع وطن له عمر طويل جدا لا يقل عن ستة آلاف عام.
  افكر بمصير هذه العلاقة ونحن نستمع الى تفاصيل الواقع,وتعقيد السياسة,وما يرتبط بها من حديث عن هبوط اسعار النفط,وجائحة كورونا وقصة الحظر,واحتياجات الناس.
  مشكلتي هي:انني لا اعرف كيف احول هذه الاخبار الى معلومات عادية تنتهي بمجرد الكلام عنها.لا يمكنني في واقع الامر ان اجعل من عدم ايمان الناس بوباء كورونا على انه معلومة طبية يرفضها الناس.
  الكثيرون يفعلون هذا,واحيانا يتجادلون حول اثبات هوية كورونا او نكران هوية الفيروس.يحدث هذا الامر في كل حدث يومي تتناقله الفضائيات.
  لا اعرف ابدا كيف المس المعلومة,واتناقش مع غيري بشأنها.انكار هوية كورونا مثلا,او العجز المالي الذي حصل بسبب هبوط اسعار النفط العالمية ليست معلومات كما يظن البعض.انها مشكلات واقعية لها طابع شعبي بكل معنى الكلمة.اي انها تخصنا جميعا,ولا بد ان تقلقنا جدا.
 لو ان معلومة انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي تقول ان استيراد البروتين الحيواني سيتوقف,ولن تكون هناك بدائل محلية لتجهيز المربين به فستكون هذه المعلومة مجرد فكرة عادية لا اتأثر بها.لكنها بالنسبة لجميع مربي الدواجن والاسماك ستكون كارثة حقيقية.
  ساكون مفصولا عن القلق الذي يعيشه ذلك المربي الذي انفق في مشروعه اموالا قد يخسرها في اية لحظة.ما اود قوله هو هذا:حين تكون اية مشكلة يتعرض لها الوطن مشكلة شخصية لنا جميعا فلن يكون هناك اي وجود لمعلومات لا تهمنا.
 لكن اذا تصرفنا ببرود واعتقدنا ان هناك مشكلات لا تعنينا,وانما تعني آخرين فهنا نقع في خطر عزل انفسنا عن حقيقة شعورنا بالمواطنة الحقة.
  اذن الوطن يعني حقيقة مهمة جدا لا تخرج عن نطاق الاحساس والقلق عليه اذا تصرف الناس بلامبالاة واضحة اتجاه فيروس قاتل.
  قلق المواطن المحب لوطنه هو شيء آخر غير الحديث والنقاش والسخرية من كل ما يجري.ما اقصده بالقلق هو الخوف الشعبي الذي يوحد اكبر عدد من البشر حين يواجهون جائحة ما,او انتهاكا لحقوق انسان او غير ذلك.
  اظن ان كل ما قلته يعني انني لن اهدأ بسهولة لا سيما واذا شاهدت من يتحدث عن قضية هبوط النفط وكأنه يتحدث عن مشكلة في المريخ.
  كما ان مقدم او مقدمة البرنامج تشعرني بالانزعاج اذا كانت تطرح اسئلتها في جو لا ينتمي لمعاناة الناس وقلقهم.
   حين تكون مشكلة الوطن تخصنا جميعا عندها سنتحد في مشروع الشعور الشعبي بالمواطنة.