عبد الزهرة زكي
كان الأسبوع الماضي مربكاً بما حمل من أخبار.
الأسوأ بين الأخبار هو تجاوز الإصابات بوباء كورونا عتبة الألف مصاب في اليوم الواحد.
التنامي التدريجي لأعداد الإصابات ربما هو ما جعل الخبر يمرّ بهدوء، لكن رؤية تفشي اللا مبالاة واللا شعور بالمسؤولية إزاء الصحة الشخصية والعامة هو ما كان يجعل بلوغ هذه العتبة أمراً متوقعاً. لقد بدا تلقي هذا الخبر أمراً عادياً، وهذا هو جوهر المشكلة.
يتحمل المواطنون، بمعظمهم، مسؤولية تجاوز عتبة الألف. إنما السلطات تتحمل هذه المسؤولية عن المواطنين وتتحمل معها مسؤولية عجزها، هي كسلطات، عن تنظيم الحياة في ظرف وبائي خطير، وعجزها بعد ذلك عن الوصول إلى شكل عملي ومنتج يحقق التباعد الاجتماعي الفعلي.
تأخرت السلطات كثيراً في إجراءات الفحص المسبق، وأثناء ذلك بقيت تختلق آمالاً فارغة على تعاون المواطنين في تحقيق التباعد وحماية أنفسهم والمجتمع. هذه السلطات تتحمل مسؤولية إيهام نفسها والمجتمع بحظر زائف جرى اللجوء إليه كغطاءٍ لتمرير الفشل في رؤية خطورة الوضع وفي وجوب التحسب لتفاقمه الذي كان متوقعاً.
لكنْ مقابل هذا لا تبدو الصورة قاتمة تماماً، حتى الآن ما زال هناك ما يمكن عمله لتحجيم الإصابات أولاً ولتصفيرها ثانياً.
هذا يتطلب عملاً مشتركاً ما بين السلطات الصحية والسياسية وما بين المجتمع.
الفعاليات الاجتماعية والدينية مطالبة بدور عملي وفاعل في توعية الناس بمسؤولياتهم. للمرة الأولى يكون دور الفرد أكبر من دور الدولة.
القوى السياسية القادرة على تحشيد قواعدها للانتخابات وغير الانتخابات ينبغي أنْ تكون قادرة أيضاً على دورٍ ما في تنظيم وعي الناس عن حماية أمنهم الصحي.
حتى الآن لا يتحقق الأمن الصحي من دون العمل بالتباعد الاجتماعي والمراقبة الشديدة لملء أيّ مكان لتسرب الخطر، والخطر هو في عدم صيانة الفرد لحدوده الشخصية.
دور السلطات في أثناء ذلك هو تأمين ما مطلوب منها تحقيقه لترسيخ المنظومة الصحيَّة وتيسير كل المستلزمات لمواجهة أسوأ النتائج.
دور السلطات أيضاً هو في التحرك بجدية معلنة على الفعاليات والقوى القادرة على التأثير في المجتمع لتمارس دورها. لا ينبغي للسلطات انتظار المبادرة من شخصيات دينية واجتماعية وسياسية، ينبغي التحرك، والمضي في أية زاوية يمكن أنْ ينطلق منها إشعاع ضوء لتبديد العتمة.
بعد هذا فإنَّ مسؤولية السلطات الأساس هي بتفعيل القانون كقوة مشروعة لردع الخطر وحماية الحياة.
القانون يحاسب كلَّ من يستهتر بحياته، فكيف بمن يستهتر بحياته وحياة الجميع!
لا ينبغي دفن الرؤوس في الرمال. إذا نظرنا لحصيلة الألف بعين المقارنة ما بين النسبة السكانية للعراق ولنظيراتها في الولايات المتحدة أو بريطانيا وحتى إيران فإننا نكون في وضع لا يوجب الاطمئنان.
لقد تجاوزنا الدواعي المتوهّمة للاطمئنان.