د. رابعة العبيدي
العلاقات الدولية هي تفاعلات ثنائية الأوجه، تتلخص بالعلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والمجالات الإنسانية المتنوعة، والعراق يجاور خمس دول.. ثلاث منها عربية، واثنتان أجنبيتان، مشاطئا ثلاثا منها بنهري دجلة والفرات.. تركيا وسوريا وايران، وتصله روابط تجارية واجتماعية معها كلها، عابرا الى دول في أقاصي أصقاع الارض، ينتظم معها بشبكة علائقية دولية.علاقاته التسليحية مع مناشئ غير تلك الدول الخمس؛ لأنها أصلا دول غير صناعية؛ لذا انحصر تسليح الجيش العراقي برومانيا والاتحاد السوفيتي السابق قبل 2003 وبأميركا بعد العام 2003.
أما تجاريا فعانى العراق من تفريط التجار بمصلحة شعبه، منذ التسعينيات، عندما اكتشفوا استعداد بعض المناشئ لتصنيع حاجات بحسب رغبة التاجر، على حساب جودة المنتج، ليربح التاجر ويخسر مواطنه العراقي، الامر الذي أوقفه مجلس النواب المصري بحزم، مانعا "بتوع العراق" من التصنيع والتصدير، خلاف مقياس الجودة العالمي "الآيزو". معظم دول العالم، تصدر "بالات" من كومبيوترات وسيارات وأجهزة تكنلوجية وأدوية من مكبات النفايات الى المستهلك، تمر من الاجهزة الرقابة الغائبة.. غفلة او توطؤاً.. فتصل الى السوق العراقية بضائع تفتقر لأبسط مقومات الجودة، وبعضها غير آمنة صحيا وإجرائيا عند الاستعمال. وبما ان العلاقات الدولية هي تفاعلات تتميز أطرافها بالتفاهم النفعي المبرر.. عرض وطلب. وعلاقات العراق لا تخضع لهذا المنطق مع العالم بأسره وخاصة محيطه الدولي، إنما "اليد العليا خير من اليد السفلى"، نتلقى ما يسقط منهم ونقبض عليه من دون نقاش، وكأن مصالح الآخرين قدس الأقداس ومصلحتنا مباحة. تدخل الوحدات السلوكية، ضمن شبكة العلاقات الدولية، كاتجاه ثقافي و"أتيكيت – لياقة اجتماعية" وإعلام، تصدره الدول الى المجتمعات المحيطة بها أو المرتبطة معها بصلات متفاعلة، تمكن المتلقي من "التثاقف – تقليد الآخر" مع الصورة النمطية أو الكلاسيكية التي تمتاز بها شعوب الدول الاخرى، وتصدر لها ثقافتها بندية، يفتقر لها العراق، فكثير من تقاليد المجتمعات المحيطة نستوردها ولا نبادلهم تصديرا ثقافيا.. فنحن منفعلون غير فاعلين. غالبا يشفع التعاون الاقتصادي بشروط سياسية، فلنتساءل: كم مرة وظف العراق في السابق قوة اقتصاده في تأييد قضاياه السياسية العالقة دوليا، محاولا مد نفوذه وسحب الآخرين الى منطقته؛ بوصفه يملك رأس المال، ويتحكم بمواقف الآخرين؟ الاجابة: ولا مرة.. بل يفرط بمصالحه مقابل ان يخدم الآخرين بثرواته، في حين تقضي نظريات العلاقات الدولية.. المعيارية منها والمعرفية، بتكريس الطرف المستفيد لخدمة الطرف المفيد، والعراق أفاد محيطه الاقليمي والابعدين، فهل وضع شروطا ام المستفيدون منه هم الذين يشترطون عليه، ويكرسونه لمصالحهم!؟ اما معرفيا فتراجعت المنظومة التعليمية في العراق متخلفة بالعودة الى أيام الكتاتيب، وحولنا ثورات تعليمية مبهرة.. لا نستعيرها، اما على صعيد النظرية المعيارية في العلاقات الدولية، التي تعد اتجاها لتحسين العالم كمكان للعيش، فهل العراق مكان مثالي لعيش شعبه الآن؟ أملنا بالمستقبل وطيد! وقد لاحت بشائر حسن اختيار التشكيلة الوزارية للسيد الكاظمي، في تأسيس دولة عراقيَّة.