هرمينوطيقا للحب

ثقافة 2020/06/12
...

عادل الصويري
في الحُبِّ تصطادُ المسافةُ ظِلَّنا، من سُنْبُلاتِ اللحظةِ الـ شَرِبَتْ خُطانا،باتجاهِ الحُلْمِ والمعنى، نغيبُ على مياهِ الاستعارةِ، حيثُ تقترحُ الشِفاهُ مجازَها القُبَلِيَّ مُبْتَلَّاً برائحةِ امتزاجِ التبغِ بالتوتِ الشَهِيِّ، فتنبتُ السنواتُ سوسنةً تُعرّي رغبتينِ للانعتاقِ، تُطِلُّ شهوةُ وردةٍ من رجفةِ الكلماتِ، واللغةُ الأخيرةُ : سُلطةُ الجَسَدَيْنِ مُتَّحِدَيْنِ، والغَيْبُ المُسَيَّجُ بالنهاراتِ القَصِيَّةِ يحتفي بِدُخانِنا.
في الحُبِّ يرحلُ عقربُ الساعاتِ، تُرزَمُ في المساءِ دقائقُ المعنى، الحقائبُ موطِنُ الظِلِّ المسافرِ، للحضورِ بحفلةِ الأرواحِ وَهْيَ تُقَدُّ مِن عُرْيٍ تُغَلَّقُ فيهِ أبوابٌ لذاكرةِ الأماكنِ حينَ تسقُطُ ذاتَ نومٍ في الزمانْ.
وَلِأخضرِ العينينِ غزلانُ الحياةِ تَفرُّ من عينيهِ، ميلادٌ حريريٌّ يُطِلُّ بشمعهِ،الشمعُ خيرُ مُحَرِّضٍ للبوحِ لو تَهبُ اللغاتُ حديقةً أقصى سطورِ الماء، يُبْتَكرُ الحمامُ مِنِ استعاراتِ السواحلِ لحظةَ التقتِ العيونُ على خطى الغزلانِ بينَ البَرِّ والعُشْبِ المساءُ يَظَلُّ خارجَ نفسِهِ، أو داخلاً في رغبةِ الشَجَرِ المُعرّى بالكلامِ، بلحظةٍ فيها التحاوُرُ خمرُ موسيقى، خشوعاً للقاءِ تشُبُّ ساقيةٌ على الكلماتِ تحجبُ قبلةًعن كُلِّ غُصْنٍ في المكانْ.
2
لماذا نُحِبُّ؟ وَيُورِقُ في دَمِنا شَجرٌ للِّقاءِ، يُحَرِّضُ فينا طفولَتَنا والفصولَ، وَحينَ أُحِبُّكِ يا وردةَ العُزلةِ المشتهاة؛ أرى زمناً في المسافةِ ينمو حقائبَ، يختبئُ الغيمُ فيها بريداً مِنَ المَطرِ الـ أجَّلَتْهُ الدروبُ، ورقصتُنا المطرِيَّةُ تغفو على موعدٍ رُبَّما في سحابٍ تأجَّلَ، يا لغرابةِ عالمِنا وهْوَ يُبْحِرُ في زورقٍ، وَيُجَدِّفُ باللامواعيدِ محنتَهُ في الوصولْ.
وحينَ أُحِبُّكِ يا طفلةَ الاشتهاءِ المُحالِ أراكِ تنامينَ في الحِبْرِ، وَجْهُكِ سالَ على ورقي / جسدي، والسطورُ تَضِجُّ فراشاتُها للوميضِ للأخيرِ، فتسطعُني قُبلةٌ في سريرِ الكتابةِ تُرهِقُها فِضَّةُ الانتظارِ، وأنتِ هناكَ تُفَلْسِفُ كأسُكِ معنى الهدوءِ،وينطفئُ الوقتُ حينَ يعودُ السؤالُ: لماذا تسوسنَتِ الكلماتُ، تَمَرْأَتْ قلوبُ الغيابِ عليها، تقولينَ: إنَّ النصوصَ زُجاجُ القلوبْ!.
3
نجمةٌ يثلمُ الليلُ زُرْقَتَها بأصابِعَ من لُغَةِ الغُرباءِ أنا، أحاولُ أن ألمسَ المُتَخَفّي على فكرةِ الأرجوانِ، تَفِزُّ كَسَهْمٍ مِنَ العنبِ المُسْتَفِزِّ، تَمُسُّ اشتعالي، تُفَرِّطُني في ضبابٍ كثيفٍ، وترمي العناقيدَ مُرْهَقَةً لِسِلالِ الذهول. رجفةٌ من خريفِ المواعيدِ أنتِ، تُخَبِّىءُ مَوْعِدَها باخضرارِ التَغَرُّبِ حينَ تُباغِتُها لعنةٌ تتمثَّلُ روحاً تهزُّ انتباهَ المرايا وتمتدُّ في الغَيْبِ أيقونةً لانتظارِ الهطول.
وبين أنا، أنتِ ثَمَّةَ أزمنةٌ تَتَحَفّى وتركضُ صوبَ اختصارِ المواسمِ في الجَسَدَيْنِ؛لتشربَ نَخْبَ ارتباكِ العقاربِ في ساعةٍ سَرَّبَتْ في الدقائقِ منفى، وحينَ انطفاءِ الغرابةِ تلمعُ تُفاحةُ جالسة على ضِفَّةٍ في مُحالِ الحقيقةِ عيناكِ فيها: سريرُ الطُمأْنينةِ الناعسةْ.
4
شكراً لِحُلْمٍ، ليلةً في الغيبِ شَكَّلَها، وَمَرَّرها لطينِ بدايتي حتى توحَّدْنا على جسد المتاهةِ عارِيَيْنِ على تعرُّقِ شمعتين. شكراً له طيفاً بكلِّ الشاعريَّةِ ظلَّ يسكبني بروحكِ خمرةً سمراءَ حلَّلَها؛ لتبتدِئينَ وحياً يقرعُ الأجراسَ، كي تعرى من العطشِ الأخيرِ حكايةُ الظلِّ المُعاقرِ في سؤالٍ للغرابةِ محنتين.
شكراً لهُ أنْ صَيَّرَ القبلاتِ أوتاراً برفرفةِ الظلالِ، وَقُرْبَ خصلاتٍ تلامسُ آخرَ الأنهارِ تسجدُ ضفَّتاهُ، وفي نعاسٍ للحمامِ يطشُّ أجنحةً، يزجُّ الريشَ بالكلماتِ،يغتسلُ المساءُ فتورقُ اللغةُ استفاقةَ شاعرٍ خلعَ البلاغةَ وارتدى نصّاً تُزَرِّرُهُ بناتُ الغيمِ، طافَ على الفصولِ مُرَتِّلاً في النَهْدِ أفْصَحَ تينتين.