محنة المتقاعدين والحلول الأخرى

آراء 2020/06/12
...

محمد صادق جراد 
 
أثارت قضية القطع في رواتب المتقاعدين تساؤلات كثيرة عن الستراتيجية التي تقودها الحكومة والعقول الاقتصادية التي تعتمد عليها، للخروج من الأزمة المالية التي يعيشها البلد نتيجة انخفاض أسعار البترول وتفشي وباء كورونا، واهم هذه التساؤلات هي لماذا كان الحل الأول والأسهل هو هذا القطع في رواتب المتقاعدين أو الموظفين؟ وما هي الستراتيجية التي وضعتها الحكومة للخروج من الأزمة، وما هي الحلول المقبلة؟ هل سنشهد إصلاحات اقتصادية حقيقية؟ هل ستمتد الإصلاحات الى مفاصل الحكومة والوزارات وتمس مصالح الفساد التي تعتاش على المال العام منذ سنوات طويلة؟. 
الشارع العراقي أصبح يعي الكثير من الأمور الاقتصادية التي كانت تخفى عنه سابقا، فأصبح يتساءل عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن أسباب التوجه الى الرواتب ومستحقاتهم كأول وأهم الحلول للأزمة المالية، وعدم استثمار الدولة للإيرادات غير النفطية في البلد وهي كثيرة، مثل الرسوم المستحصلة من الهيئة العامة للضرائب وإيرادات الكمارك والمنافذ الحدودية والأوقاف والمرور والتسجيل العقاري والعديد من الوزارات والدوائر الأخرى، بالإضافة إلى علامات استفهام كبيرة عن مصير التفاهمات مع إقليم كردستان، وأسباب دفع المستحقات من قبل الحكومة المركزية للإقليم من دون ان يقوم بتسليم ما يتم تصديره من نفط الإقليم . كما ينظر الشعب بعين الغضب الى حلول تمس المتقاعد الذي خدم الدولة 30 سنة او اكثر، وغض النظر عن مزدوجي الرواتب والتقاعدات الكبيرة لنواب ورئاسات ومدراء عامين وعناوين أخرى.
نترك الإجابة للحكومة ونقول انه بالرغم من انها حصلت على دعم جماهيري عبر التظاهرات التي انطلقت في أكثر من فترة زمنية، وأكثر من محافظة وقدمت شهداء، وبالرغم من حصول الحكومات على دعم ومباركة المرجعية الدينية في النجف الأشرف، إلا أننا لم نشهد سوى محاولات للإصلاح لم تمس بمجملها مصالح القوى السياسية التي تقاسمت المغانم والوزارات، وجعلت من مواردها المالية حكرا على أحزابها التي تسخّر المال العام المستحصل من الوزارات لخدمة مصالحها، وتجنيده من اجل البقاء في السلطة. 
وهكذا يمكننا القول بان الحكومة الجديدة مطالبة بإجراءات إصلاحية حقيقية، عبر تفعيل القطاع الصناعي والزراعي والسياحي، وبمتابعة أسباب هدر المال العام في العديد من الوزارات وعدم استثماره في رفد موازنة الدولة، وهي مطالبة أيضا بوضع ستراتيجية اقتصادية حقيقية، ورؤية واسعة وواضحة لمفهوم الإصلاح، ولا بدَّ من أن يكون الإصلاح مشروعا شاملا، يعالج المشاكل الاقتصادية والخدمية والسياسية من جميع جوانبها، ويحقق العدل الاجتماعي والاقتصادي الذي بدونه سيكون الإصلاح بلا مضامين أو
 غايات