الجهاد المقدس

آراء 2020/06/13
...

صباح محسن كاظم
 

على حين غرة وغفلة، تفاجأ جميع العراقيين، وكل من يحب العراق بالعالم، بزحف داعش الى مدننا؛ الى عنفوان التأريخ، الموصل الحدباء ..مدينة المآذن..عبق التأريخ ..وجمال الطبيعة ..الجراد الأصفر الذي التهم اخضرار الأرض، ليحول أرضها  الحدباء إلى يباب ..القادة ..العلماء..الشباب ..الأحرار ..شيوخ العشائر، تغلي النار بصدورهم، كيف تنهار قواتنا وعدتنا العسكرية أمام هذا التسلل الوحشي من البرابرة من - متعددي الجنسيات - الممول من الستراتيجيات الماسوصهيونية بأموال وفتاوى سلفية لتدمير الحضارة 
العراقية.. 
العراق هادئ، والأمن شبه مستتب، إلا من خروقات وتظاهرات في المناطق الغربية، ولكن لا شيء يُنذر بالمخاطر ..في اليوم  10-6 احتلت اجزاء من العراق ..صاعقة وقعت على رأسي، ولم أستطع الوقوف على قدمي ..كيف حصل ذلك؟ والمحطات العالمية تنقل تهاوي المواقع العسكرية، والجراد الأسود يرفع بيارق الشر بأزقة الموصل ويتوجه نحو التهام المدن، حتى وصل إلى ثلثي العراق، ومجازر بسبايكر والصقلاوية وجرف الصخر وغيرها . غيرت توقيع الكتب إلى حوارات عن العراق وقدراته، بقنوات مختلفة، وحوارات صحفية ..قلت : ننظر للنجف، فلن تقف صامتة.. ولابد من تحرّك أهل الجنوب والفرات الأوسط  ليدافعوا عن مدننا الحبيبة بالشمال والوسط، وهذا ما حدث حقيقةً  ..وقلب الطاولة على كل المخططات، وأعاد للموصل، وكل المدن المنكوبة الحياة ..بفتوى الجهاد الكفائي للسيد علي السيستاني، رجل التعايش، رجل المحبة، رجل التحدي بكل فتاويه منذ سقوط الصنم حتى اليوم .. لقد حفظ العراق بكل الأزمات العاصفة  .. بحكمته، بفكره، بوقاره، لذا فإن تلك الشخصية –غير المختلف عليها - تمتلك المقبولية من جميع الأثنيات والمكونات في العراق، بل تتعداه للعالم أجمع، فقد صدر ببيروت بطبعتين، كتاب مهم تحت عنوان (السيد السيستاني مرجعية العيش المشترك)، شارك فيه أكثر من 30 شخصية عالمية من أمناء الأمم المتحدة ووزراء الخارجية، مع مشاركتي بمقالة (السيد السيستاني وجائزة نوبل للسلام)، ونشرت في حينها في مجلة الشبكة العراقية ..إن النخوة العراقية فجرتها الفتوى  ..هب الشباب والشيوخ بكل الأعمار للجهاد،  فمن يُنذر روحه فداءً للوطن، ويُقدم حياته لأجل عقيدته ووطنه، دون الهدف الذاتي، بل للرضا الإلهي، ولدفاعه عن حقوق مُجتمعه ..وأرضه ..وكرامة شعبه ضد داعش وثقافة التكفير، يمثل قمة 
الإخلاص والوطنية.
 عدت بعد ذلك بأسبوعين، ولم أكمل ما خطط له من ندوات ثقافية، ووجدت أخي عمار بنفس اليوم متوجها للفلوجة، لمشاركة الرجال الأبطال بالحشد الشعبي، وما زال هناك، وقص لي قصصاً لا يصدقها العقل عن رجال ذهبوا ببنادق صدئة اشتروها من المدن، ليقاوموا ماكنة حرب معدة بدول الجوار الإعداد المناسب لتدمير العراق .. إن الحشد الشعبي بوقفته التاريخية، سجل بأحرف من نور تلك الوقفة الجهادية البطلة ..نعم هناك تضحيات شاهدناها باليوتيوب بقطع الرؤوس للأبطال حين وقوعهم بيد داعش ..لكن تلك القصص ستصبح يوماً مادةً للدراما والسينما والمسرح، كما علق  الشهيد العذاري، أو ذبح هادي الهلالي، ذلك الشيخ من الشطرة ذو الشيبة، بعد أن استشهد أولاده، فذهب بنفسه للجهاد وتطبيق الفتوى، لكنه وقع أسيراً وذبح بسكين الغدر الداعشي ..إذا أردنا الحفاظ على العراق فلابد من الحفاظ على الحشد الشعبي وفتوى الجهاد الكفائي، فالمؤامرات محدقة بنا من أعداء العراق.. قوتنا بحشدنا وحشدنا قوتنا ..كل الدول تهتم ببناء قدراتها العسكرية والستراتيجية للدفاع عن مصالحها في عالم اليوم، بعد تشابك المصالح والمآرب .. على جميع القوى السياسية العراقية مهما اختلفت بالرؤى والاتجاهات والتجاذبات، عليهم الإجماع الوطني على حفظ الحشد الشعبي، وترصين القدرات العسكرية لجيشنا المظفر وشرطتنا الوطنية ..فالمنطقة ساحة صراعات دولية، ومناطق نفوذ عالمية، ولكل بلد مجاور للعراق مطامعه وأهدافه وستراتيجياته، وما حك جلدك مثل ظفرك. بذكرى تلك الفتوى المقدسة التي حفظت العراق من الانهيار الكامل، بل أعادت هيبة الوطن، نجدد العهد للمرجعية الرشيدة متمثلة بالسيد السيستاني، على الدفاع عن الوطن بكل وسائل التعبير والإعلام والأقلام، فالحرب الناعمة الإعلامية اليوم من  الخطورة بمكان جعلها تزعزع الثقة وتعمل على نشر اليأس والإحباط، لذلك نرى حالات الانتحار ..الطلاق ..تهديم الأسرة ..العنف غير المبرر، كل تلك المشكلات الاجتماعية تبعا  للظروف السياسية التي تنعكس خيباتها بالواقع.
 الرأي الذي أقوله، ولي يقين فيه، أن العراق يتجاوز محنه بإرشادات المرجعية، وكذلك بوجود بعض المخلصين بكافة المجالات، وقد أثبتت ذلك عاصفة كورونا، فحين طلبت المرجعية التكافل الاجتماعي لبى النداء كل الميسورين بالعراق للتآزر ..إن تلك العلامات تؤكد المعدن الثمين للشعب العراقي.