كورونا وغاليلو

آراء 2020/06/17
...

نوزاد حسن
 

يبدو أن فيروس كورونا كشف لنا عن مجموعة غير قليلة من الناس يفكرون بطريقة غريبة جدا، وهؤلاء الناس يشكون بأبسط حقيقة يعيشها العالم وهي ان كورونا مجرد كذبة. وقد أشارت منظمة الصحة العالمية الى أسباب كثيرة اسهمت في زيادة الإصابات التي بلغت أكثر من ألف غصابة يوميا. وكان أحد تلك الأسباب حسب تقرير الصحة العالمية هو عدم تصديق الناس بوجود فيروس كورونا. قد يفسر عدم وضع الكمامة، "والكفوف" بلا مبالاة الناس واهمالهم. وقد يفسر أيضا إقامة الأفراح ومجالس العزاء بنقص في الوعي لديهم. ومن الممكن معالجة مثل هذه الأسباب وغيرها من خلال الارشادات الصحية التي تقوم بها وسائل الإعلام والقوات الأمنية المنتشرة في الشوارع لتطبيق الحظر. لكن كيف يمكن حل مشكلة اولئك الذين ينكرون وجود فيروس بثقة كبيرة. إنهم يبروون شكهم بأسلوب يعتمد على طرح سؤال واضح جدا ثم يستنتجون حقيقة من إجابتك. أحدهم سأل: كلنا ننتمي لعشائر. أنا أنتمي لعشيرة، وأنت تنتمي لعشيرة، وأنت تنتمي لعشيرة كم شخصا من عشائرنا أصيب بهذا الفيروس.؟ في الحقيقة لم يكن أحد مصاب من عشائر الموجودين. كانت النتيجة واضحة جدا وهي: لا وجود لكورونا. حضرت شخصيا هذا الاثبات (العشائري) على عدم وجود فيروس قاتل بيننا. حاولت أن أُذكر المتحدث بما يجري في العالم من حولنا لكن محاولتي كانت بلا نتيجة. ذلك لأن قصة هذا الفيروس ليس من السهل تصديقها. إنها باختصار وهم عالمي. أظن أن الصحة العالمية وهي تشير الى هذا الشك العراقي الذي يمارسه بعض المغامرين بحياة الناس تفاجأت كثيرا لأن ديكارت الفيلسوف المعروف لم يصل الى هذه الدرجة المتطرفة بحيث يشك في حقيقة علمية طبية تؤيدها احصائيات لدول كثيرة. على غرار إنكار حقيقة طبية كالتي نعيشها اليوم، أنكر رجال دين متعصبون ما أثبته غاليلو علميا بعد بحث طويل أن الأرض تدور. حدث هذا قبل قرون إذ واجه غاليلو رفضا قويا لنظريته، وكاد أن يحرق لولا أنه تراجع عن فكرته، وهكذا نجا بحياته. لم يستطع المتعصبون أن يفهموا تلك الحقيقة العلمية الواضحة التي كان غاليلو يشاهدها في تلسكوبه. حاول أن يقنعهم لكن منطق الجمود الفكري كان مسيطرا عليهم. تناقش غاليلو معهم، وفي النهاية وجد نفسه ازاء دليل يشبه (الدليل العشائري) الذي تحدثت عنه قبل قليل. فصمت تاركا نظريته للزمن كي يثبتها. بلا أدنى شك يشبه الذين ينكرون وجود فيروس كورونا جميع من وقف في وجه نظرية غاليلو. إذ لا فرق بين أن ينكر الإنسان حقيقة علمية وبين أن ينكر حقيقة طبية أثبتتها التجارب السريرية على المرضى وهم تجاوزوا أكثر من مليون اصابة، ومئات آلاف الموتى. ترك غاليلو نظريته للأجيال فأثبت العلم بعد أن تطور نظرية دوران الأرض حول الشمس. لكن كيف سيثبت الزمن وجود كورونا. أخشى أن أقول سيحدث ذلك بزيادة الاصابات وزيادة أعداد المتوفين، حينئذ سيكتشف الشخص الذي كان ينكر كورونا بأنه كان السبب في نقل العدوى الى أسرته. وقد حدث هذا لشاب نقل العدوى لأبيه فندم وهو على سرير موته.