الروائي وارد بدر السالم: لستُ أنا في الكتابة !

ثقافة 2020/06/17
...

 
عبد الجبار العتابي 
 
 
*عرّف لنا نفسك؟ 
- لا يمكن تعريف الـ أنا بهذه البساطة. الأمر فيه تعقيد كبير ولا ينطوي على صراحة. فـقد أكون (أنا) لست (أنا) في الكتابة. ولستُ غيري في الواقع أو غيري في مرحلة معينة. قد أتطابق جزئياً أو كلياً (معي) أو لا أتطابق. ويلزمني بهذه الطريقة أن أكون جزءاً نصياً من رواياتي وكتاباتي، وهذا أمر شاق لا أجيده بالشكل الصحفي المطلوب. 
 
* متى ومن أين بدأت خطوتك الأولى على طريق الأدب؟
- كان ذلك قديماً. يوم كنتُ ألعب بأقلام الرصاص وألتهم مماحيها اللذيذة. وأخطُّ على كتبي المدرسية عبارات رومانسية لابنة الجيران ثم أمحوها حتى لايدركني والدي. وأبدأ كل الليل أقرأ المحو وأنوّع عليه في خيالي تعبيراتٍ أخرى أنساها في صباح المدرسة المبكر.
 
* متى دخلت دائرة الشهرة لأول مرة؟
- ما زلتُ كاتباً غير مشهور. فمنذ ربع قرن تقريباً لم أستطع أن أتخطى عتبتي الأولى في المحاولات والمحو والخيال والذاكرة والتجريب والشخبطة القصصية والروائية.. لهذا لم أفكر بالشهرة في بلاد اكتسبت شهرتها من الحروب والفواجع واللطميات والفساد والإهانات وامتهنت طول تاريخها المعاصر محاربة الإنسان والتغطية على منجزاته وحبس طاقته الفردية وقتله معنوياً. أسهم في ذلك أدعياء ومشعلو فتن وهامشيون ملفوظون على هامش الأدب والحياة. ومهاجرون ظرفاء وبؤساء امتهنوا هم أيضاً الشعوذة والردح الايديولوجي العراقي المعروف. ومن ثم فالشهرة صارت وسيلة من وسائل التكسب المادي والعاطفي لا تعنيني في نهاية الأمر. فما زلت في حقل التجربة بالرغم من 25 كتاباً أصدرتها حتى الآن. وهذا الرقم هو نصف عمري تقريباً، لكنه لا يعني شيئاً تقريباً سوى أنه رقم في حياتي البسيطة قد يكون فيما بعد ضمن أدبيات أرشيفية تؤرخ لمراحل الأدب العراقي في أطواره الغريبة.
 
* ما السحر الذي وجدته في الكتابة لتكون مهمة حياتك؟
- كما الحطاب الذي لا يستطيع مغادرة الغابة. والمريض الذي لا يشفى من أمراضه المستوطنة. والقس الذي يصعب عليه مفارقة الكنيسة لأي سبب.. إنها بالنتيجة أمراض مستقرة في رحم الكتابة. 
 
* ما السر وراء كتابة أدب الرحلات؟
- "الهندوس يطرقون باب السماء" كتابي الوحيد عن رحلتي الى جبال الهيمالايا الهندية. وكتاب آخر عن رحلة افغانستان لم أنشره بعد. وأدب الرحلات عالمياً أدب ممتع وشيّق ورافد للمعلومات الجغرافية والسياسية والشعبية والتراثية والتاريخية، وللعرب باع طويل في أدب الرحلات.
 
* يشاع في الوسط الادبي أنك الأديب العراقي الوحيد الذي يعيش على كتاباته؟
- يشاع .. إنه مجرد شائعة كما تعرف. فلا يوجد هناك أديب عراقي اطلاقاً (يعيش) على كتبه. بل ربما لا يوجد أديب عربي يبرمج (ماليته) الشهرية أو السنوية على ما يستحصله من فُتات الدولارات من هذه الدار أو تلك. وفي العموم لا توجد تقاليد ثقافية عربية عريقة تؤسس لعلاقات مقبولة بين الأديب العربي ودور النشر التي تستحوذ على مؤلفاته.
 
* أعتقد أن روايتك (عذراء سنجار) كتبت في وقت قياسي، ما السر وراء هذا؟
- الوقت القياسي هو الوقت النافذ لمعالجة ثيمة روائية واسعة ومتشعبة دينياً وتاريخياً. ولا يمكن أن تحدده بسقف زمني. فالكاتب رهين ثيمته وحدثها المتشظي ومداخلها المتعددة. لهذا جاءت عذراء سنجار في زمنها المعقول مع النكبة الأيزيدية واسعة النطاق عالمياً. 
 
* بين القصة القصيرة والرواية أين يكمن السحر الحقيقي؟
- كل جنس أدبي له سحره الشخصي. فالقصة عالَم مكثف. والرواية عالَم أكثر اتساعاً وشمولية. لهذا فالسحر الفني يطال هذين الجنسين المؤسسين للسرد كله.
 
*  ما سر ابتعادك عن الوسط 
الأدبي؟
- لستُ بعيداً عن الوسط الأدبي 
كلياً. 
لكن بصراحة فإن الإدمان على وسط فيه من السلبيات أكثر مما فيه من الإيجابيات ضياع للوقت والطاقة. ومن ثم فإن الإمساك بما تبقى من الزمن والوقت علينا أن نستثمره بشكل جدي وإيجابي.
 
* بين واقعية رواياتك كم من الخيال فيها؟
- فيها من الخيال أكثر مما فيها من الواقع. وأنا مع فكرة أن العمل الأدبي يجب أن ينطوي على خيال كبير يوازي الواقع. فالكتابة السردية هي متعة وتشويق مهما كانت الثيمات التي نطرحها. 
 
* ما أكثر (بطلة) في روايتك جعلتك تنزف وجعا وحزنا؟ ولماذا؟
- ريحانة في رواية (الحلوة) وسليمة في (شبيه الخنزير) ونشتُمان في (عذراء سنجار) و( بنات لالش).