د. صادق كاظم
تثير الأرقام المرتفعة من معدلات الاصابة بالوباء في البلاد والتي أخذت تتخطى حاجز الـ 1500 إصابة كمعدل يومي القلق بشأن إمكانية وصول عدد الاصابات الى 100 ألف إصابة خلال الشهرين المقبلين، صحيح ان هذا المعدل من الاصابات يقل عن عديدها في دول مجاورة كالعربية السعودية التي يصل معدل الاصابات فيها الى قرابة الربع مليون تقريبا وبمعدل وفيات مقارب للمعدل في العراق، لكنه يؤشر ان العراق أخذ بالتحول نحو قائمة الدول الأكثر عددا بالإصابات، وهو ما يستدعي اتخاذ المزيد من التدابير الوقائية والاحترازية، فضلا عن دعم المؤسسات الصحية باحتياجاتها من أجهزة التنفس الصناعي الانعاشية والأدوية الضرورية اللازمة، فضلا عن فتح مراكز صحية مؤقتة لإيواء المصابين بالوباء وعزلهم، والأهم، فضلا عن ذلك هو تعميق وعي المواطنين بضرورة اتباع إجراءت العزل والسلامة الشخصية والتقيد بالحذر عند الخروج إلا للضرورات القصوى وتجنب الاختلاط والتجمعات في الأماكن العامة، فوعي المواطن بخطورة الوباء على الصحة العامة سيخفف بالفعل من حدة الاصابات وتراجع معدلاتها، وإلا فإن الأمر سيتفاقم الى أوضاع غير مقبولة.
مع ذلك وبالرغم من عدم انتهاء الموجة الأولى من كورونا التي تستمر وتيرتها بشكل منحنى تصاعدي حتى هذه اللحظة، لذلك فإن الموجة الثانية المتوقعة ستحدد حدتها وضراوتها عدة عوامل من بينها الالتزام بقيود ووسائل التباعد الاجتماعي، وكثافة الفحوصات، ووسائل احتواء المرض الأخرى وتوفر لقاحات علاجية.
أحد السيناريوهات المتوقعة بأن نسبة الإصابات ستستمر في الصعود والهبوط، حتى يتم ايجاد علاج شاف أو تطوير مناعة جماعية ضد المرض، وطريقة العلاج من خلال بلازما الدم للاشخاص المتعافين من المرض والذي هو غني بالأجسام المضادة تعد واحدة من الطرق الناجحة لشفاء المصابين والاكثر نجاحا، لكن اعداد المتعافين تبدو قليلة بالنسبة لاعداد المصابين وهي لا تغطي الطلب المتزايد عليها رغم ان الوضع يتطلب تخزين كميات كبيرة من البلازما للاحتفاظ بها في المستشفيات واستخدامها عند الحاجة اليها.
وفي حال اذا قررت السلطات الصحية والحكومية تخفيف اجراءات الحظر والسماح بعودة الحياة الطبيعية وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن، وقبل ان تقل اعداد الاصابات والوفيات وتتراجع فإن هذا يعني استمرار موجة الاصابة بالوباء وتزايدها وربما ستكون العودة الى الحظر الشامل وبشكل متناوب مع الحظر الجزئي الخيار الوحيد والمتاح حاليا.
هناك مخاوف وقلق من أن حدوث تطور جيني للفيروس يجعله يصل الى النوع C الذي يعد أخطر الأنواع بعد نهاية الصيف، مما سيجعل من إمكانية انتشاره وتفاقمه أمرا خطيرا، بحيث يصعب على أجهزة المناعة البشرية أن تتعرف عليه وتسهم في الشفاء منه، وكما حصل في خريف العام 1918 في الدول الاوروبية التي عانت من حصول الموجة الثانية من الإنفلونزا الإسبانية التي تسببت بحصول وفيات بالملايين وبشكل أكبر بكثير من الموجة الأولى.
تقلب المواسم قد يقلل او يفاقم من حجم أي انتعاش للفيروس مما سيساعد على كسب وقت ثمين لإحراز تقدم في الاختبارات الطبية وتطوير العلاجات واللقاحات وتعزيز النظم الصحية وتقليل الاصابات الى أدنى حد ممكن وإمكانية تعافي المجتمعات منه، وان موجات التفشي اللاحقة والمتوقعة في فصلي الخريف والشتاء المقبلين في حال كونها حادة، خاصة في الأماكن التي يهمل فيها الناس اتخاذ الاحتياطات المناسبة ستزيد الامور صعوبة وخطورة، لكن الحل الحاسم يبقى في النهاية بيد مراكز صناعات الادوية ومختبرات تطوير اللقاحات.