أمجد ياسين
تطورات المشهد السياسي العراقي تنبئ بأحداث ستزيد من سخونته تزامناً مع ارتفاع حرارة الصيف. فشعار إعادة هيبة العراق الذي أطلقه رئيس الوزراء يوسع من ساحة المواجهة المعلنة بينه وبين مافيات فساد تجد أن مصالحها أهم من مصلحة البلد، بعد ان غلبت ثوابتها الفئوية على الثوابت الوطنية فنسخت نفسها بقوة وتمركزت في كل مفاصل الدولة واثرت بصورة كارثية في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العراقي.
إن المكاشفة بحقيقة ما يجري هو المفتاح السحري لتعاطف المواطن مع السلطة، وهو الدافع الحقيقي في جعله شريكا مهما في رسم سياسة البلد، فطيلة 17 عاما الماضية لا دور ولا رأي حقيقيا للمواطن العراقي في ما يحدث، فتحول الى جهة مستقبلة لكوارث السياسيين، وحدث ما حدث من حروب داخلية وداعشية وأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية.
وأولى خطوات عبور الأزمات، المفتعلة والحقيقية، هو في مناقشتها وايجاد الحلول لها وتطبيقها. فكثير من أزمات العراق مفتعلة من قبل متنفذين سياسيين واحزاب لا تؤمن حقيقة بالوطنية العراقية او بناء العراق، هي تؤمن بأن ما تحت يدها مباح لها وان أموال الدولة لا مالك حقيقيا لها فتستبيحها من دون رادع ديني او اخلاقي. كثيرة هي الملفات التي على الكاظمي ان يتصدى لها وفيها من المال المهدور والخبايا ما يشيب له الولدان.
قضية أخرى مهمة جدا وحساسة على السيد الكاظمي ان يتصدى لها وهي مسألة الوطنية العراقية. كيف يمكن اعادة الروح لها؟ قد يقول قائل ان الوطنية موجودة وتظهر في الازمات كما حدث في قتال عصابات داعش الارهابية والانتصار عليها، أقول نعم ولكن بعد ان صدرت الفتوى الجهادية نتيجة انهيار المنظومة الامنية العراقية بسبب تعدد مصادر القرار وتأثيرها السلبي في الوضع والقرار السياسي العراقي، فكانت فتوى المرجعية الرشيدة هي كلمة السر التي ضربت كل تلك الرؤوس والمسميات الاعلامية الزائفة عرض الحائط ووضعت المواطن العراقي امام مهمة البقاء على قيد الحياة عبر مقاتلة تلك الشرذمة العفنة التي كان يطبل لها قادة في العملية السياسية آنذاك.
الوطنية ليست وصفة طبيب عند المرض، يجب ان تكون بديهية حاضرة في نشاطنا الانساني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي. وعلى الدولة أن تحارب الاحساس السائد بألا ظهر ولا سند للمواطن في مواجهة المفسدين وبورصات بيع المناصب والوطن بالمجان في أحيان كثيرة، عبر التصدي لهذه المسميات المقيتة وزجها في السجن وفرض هيبة الدولة على كامل ترابها وبث الروح الوطنية في كل مفاصل الحياة عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. لا ضير في أنْ ننتقد فشلنا بصوت عال ونقف عند الاسباب ونبحث عن الحلول لتطبيقها وان كانت مرة لتجاوز أزمة بلد يصارع أهله للبقاء أحياء في زمن وضع الفاسدين أيديهم على قناني الاوكسجين لخنقه في زمن كورونا المميت.