الفقراء ينتظرون

آراء 2020/07/02
...

زهير كاظم عبود 
جائحة فيروس كورونا منتشرة في كل بلاد الأرض، واستفحلت في بعض منها، وتنوعت قدرات الناس في تلك المدن من خلال الالتزام بالتعليمات، والوعي الصحي، والتعاون مع السلطات، وتفاني الملاكات الطبية والأمنية في التصدي لهذه الفيروسات القاتلة. 
الموظفون والعاملون في مرافق الدولة والمتقاعدون وكل من يتقاضى راتبا من الحكومة مهما صغر، يؤمن استمرارية حياته وأسرته، سواء كان بدوامه او اجازته، ومرت علينا أيام قاسية فقدنا خلالها أحبة وأصدقاء حصدهم الفيروس اللعين، ونتابع بقلق واهتمام وخوف تزايد عدد الإصابات في بلدنا في حين بدأت تنحسر في دول متقدمة. 
غير أن الملفت للنظر ونحن نتخطى الأيام والشهور ونعيش نتصارع مع هذا الوباء، ونتحداه بما نملك من قدرات متواضعة، يعيش المواطن العراقي قلق استمرار قبض الراتب لمن يكون راتبه السبيل الوحيد للعيش، ومع تأمين هذه الرواتب، وتذليل بعض العقبات التي تمكنت الحكومة الفتية منها، يعيش أغلب فقراء العراق ممن لادخل لهم غير عملهم اليومي أوضاعا معيشية غاية في الصعوبة، مع توقف الأعمال وانحسار المهن، ومع نفاد المدخرات وتزايد طلبات الأسرة، مع ارتفاع ملحوظ في المواد الغذائية والحاجات الأساسية، ووجود ضرورات تتطلب صرف مبالغ ثابتة شهريا، مثل متطلبات المطبخ وقوائم الكهرباء ومبالغ خطوط المولدات. 
لم يتضرر من هذا الوضع الاستثنائي المستمر سوى أبناء الطبقة الفقيرة من عمال القطاع الخاص، فالفقراء لاخزين لديهم ولا أرصدة، وليس لديهم ما يعينهم على مواجهة الظروف الاستثنائية، وليس لهم أن يتوقفوا عن العمل مما يعني توقف مصادر رزقهم وحياتهم.
الفقراء وحدهم يشعرون بفداحة الخسارة وحجم الكارثة والمعاناة التي تحل عليهم وهم يعيشون تحت وطأة الفيروس، وتصاعد أسعار المواد الغذائية في السوق، ومن دون ان تجد الحكومة سبيلا او وسيلة تؤمن لهم ولو الحد الأدنى 
للمعيشة.
نحن بحاجة اليوم أن نظهر مواقفنا الوطنية وشهامتنا العراقية من أجل أهلنا وأخوتنا، وحدهم فقراء العراق ينتظرون منا موقفا يضمن كرامتهم ويؤمن معيشتهم، وكلنا نعرف أن الجوع والحاجة أشد فتكا من انعدام الأمن، وان قدرات الناس بدأت تنفد وصبرها ينتهي، ولا بد من موقف يمهد او يسهل الطريق، منع التجوال وغلق الطرق والأساليب التي تتخذها الحكومة والأجهزة الأمنية كلها في سبيل محاصرة الفيروس والتضييق على الإصابات، لكنه يخنق الفقراء ويمنع عنهم سبيل الحياة. 
واذا كانت الحكومة تمر بوضع اقتصادي صعب، مع انخفاض لأسعار النفط عالميا، نكون بحاجة لموقف يساند الدعم الاقتصادي، وموقف يتشارك فيه الموسرون والمقتدرون مع تلك الأسر المتعففة والفقيرة ممن لادخل لها، نحن بحاجة لموقف يواجه الأيام العصيبة والحالكة لأخوة لنا، ونحن نشير الى أصحاب الشركات والمعامل والمستثمرين ورجال الأعمال والتجار، وهم يواجهون تلك الظروف إلا أنهم سيكتبون تاريخ وقفتهم ومساندتهم لهذه الشريحة التي لا تتقاضى الرواتب ولا الدعم من أي جهة كانت، وسيكون موقفهم إنسانيا قبل ان يكون موقفا وطنيا. 
 كل أصحاب المهن التي تعتمد على الإيراد اليومي، وكل من منعه الوباء ومنع التجوال من تحصيل رزقه، وكل من لا يملك إلا سواعدهم في هذه الفترة الشديدة السواد من حياتنا ضمن إمكانياتنا المتواضعة طبيا وصحيا، فلنواجه هذا الفيروس مواجهة مجتمعية في شوارعنا ومحلاتنا وقرآنا ومدننا. 
الفقراء ينتظرون ويحتاجون موقفا تتجسد فيه النخوة والشهامة ومد يد العون لهم بكل أشكال العون، ويقينا ان عيون أطفالهم تتطلع الى موقف او قرار يساندهم ويدعمهم في زمن ألازمات، وشاخصة تتطلع نحو الأفق الى موقف أو قرار أو فعل يعينهم على الوقوف بوجه الوباء والحد الأدنى من تفاصيل الحياة 
اليومية.
 خفض الأسعار يشكل دعما ماديا، توزيع السلع على الأسر المتعففة موقف إنساني، التكفل بإعالة جيرانك يسجل لك، أي موقف يساند الناس ويسهل لهم وسائل صمودهم ومواجهتهم للحياة، فلم يزل الفقراء في العراق يحتاجون منكم وقفة تتساوى مع وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، وتكون هذه الوقفة محكاً في معالجاتكم السريعة لقضايا الإنسان في العراق، ودليلا أكيدا على وحدتنا المجتمعية التي اشتهرنا بها وعرفنا العالم عنوانا عريضا للعراقيين.