[I]
يمكن فهم مسألة المحبة، ضمن ثلاث إشكاليَّات أساسيَّة من شأنها: الإشكاليَّة الروحية Spirtual، والإشكاليَّة العقلانية
Rational، والإشكاليَّة النفسية- السايكولوجية Psychological. ولا نصل إلى ذلك إلاَّ من خلال تجربة أن المحبة ضرورة الحياة، وإحياء الحياة. أي ضرورة [أن- نكون]. لأنَّ في المحبة، وبها فقط، يمكن للحياة أن تصير أكثر من الحياة التي نعرفها. إذن نحن ملزمون بالمحبة.
[II]
تتمثَّل الإشكاليَّة الروحية التي من شأن فهم المحبة، في المصادر الروحية التي من شأن عمليات الفهم التي تنطلق من ثُنائيَّة [الحُرِّيَّة- والضرورة أو الإلزام]. وتتضمن المصادر هذه معنى الميتافيزيقا، وماهية الإيمان بالقوة الميتافيزيقية التي تضبط السلوك، والأفعال، بخاصَّةٍ. وذلك يقوم على التربية الدينية، وكيفها، من جهة، وصورة الخالق- وماهية الخلق التي تُبنى بواسطة تلك التربية داخل الإنسان الفرد، من جهةٍ أخرى. إنَّ التَّساؤل الأصليّ داخل هذي الإشكاليَّة يتمثَّل في التَّساؤل عن الألم، والتجربة الروحية التي من شأن الألم النبيل: أي ذلك الذي يرتبط، اِرتباطاً مباشراً بالإيمان بما أو بمن نتألَّم من
أجله.
[III]
كما تندرج ضمن الإشكاليَّة العقلانية التي من شأن فهم المحبة، والمصادر العقلانية التي من شأنها، عمليات الفهم التي تنطلق من ثُلاثيَّة [الرُّوح- والعقل- والجسد]، من جهة، وتلك التي تنطلق من ثُنائيَّة [البناء- والهدم]، من جهةٍ أخرى. ولا ثَمَّةَ مصادر لهذي الإشكاليَّة غير التجربة، والممارسة الواقعيَّة التي من شأن المحبة. ضمن تساؤلات واضحة ودقيقة تتمثَّل بالتساؤل عن موضوع المحبة، ولا تتوقف، ضمن ديالكتيك [التجربة- وإعادة بناء التجربة]، عند مستوى محبة موضوع المحبة. إنَّ التَّساؤل الأصليّ داخل هذي الإشكاليَّة يتمثَّل في التَّساؤل عن النقص النبيل، والتجربة العقلانية التي من شأن النقص: أي ذلك الذي يرتبط، اِرتباطاً مباشراً بالتكامل مع ما أو مَن هو يأتي بنقصه إلى مستوى
التكامل.
[IV]
كما نتدرج في الإشكاليَّة النفسية- السايكولوجية التي من شأن فهم المحبة، والمصادر النفسية التي من شأنها، بالاِنطلاق من عمليات الفهم التي من شأن العلاقة بين طَرَفَيْ ثُنائيَّة [الأنا- والآخر]. وتتضمن المصادر هذه معنى الأنا، وماهية الأنانية والذاتية التي تضبط السلوك، والأفعال، بخاصَّةٍ. وذلك يقوم على التربية المجتمعيَّة، وكيفها، من جهة، وصورة الذَّات، وطبيعة فهمها من قِبَلِ الإنسان- الفرد، التي تُبنى بواسطة تلك التربية داخل الإنسان الفرد، من جهةٍ أخرى. إنَّ التَّساؤل الأصليّ داخل هذي الإشكاليَّة يتمثَّل في التَّساؤل عن الفناء، والتجربة السايكولوجية العميقة التي من شأن فكرة الموت: أي تلك التي ترتبط، اِرتباطاً مباشراً بالشعور بالأبدية مع ما أو مَن هو يأتي بفنائه إلى مستوى الشعور بالخلود الأبدي.
[V]
وهكذا، وفقط لأنَّ المحبة تتفلت من العقلنة، والضروب المختلفة العقلانية لفهمها، ولأنَّ الكُلِّيَّةَ التي من شأن المحبة تتفلت من التَّساؤل الفلسفي عنها، بواسطة ماهيَّة الرابطة بين [الخلق- والموت]، ومن أجل أن المحبة لا تُفهم إلاَّ بوصفها شعوراً أوَّلاً وفوقَ كُلِّ شيءٍ، فإنَّنا نفهم المحبة بقدر الشعور بها، ونشعر بالمحبة بقدر الفهم الذي من أجلِ الشعور بها. هكذا، ضمن وحدة الإشكاليات الثلاث هذه، وبالاِنطلاق منها فقط، يُمكن أن نميز بين الاِحترام، والحب، والمحبة، والمحبة الأصليَّة.