شركات التكنولوجيا العملاقة تبحث عن الاستثمار

اقتصادية 2020/07/07
...

مايك إسحاق  ترجمة: شيماء ميران
 
واكدت فيسبوك مؤخرا انها تطور صندوقا استثماريا للاستثمار في شركات ناشئة.
واتخذت شركات التكنولوجيا العملاقة الاخرى المسار ذاته، فقد اشترت آبل هذا العام اربع شركات واطلقت هاتفها ايفون الجديد. بينما اشترت مايكروسوفت ثلاث شركات حوسبة سحابية، اما امازون فقد استأجرت المزيد من طائرات التسليم ووظفت 175 الف عامل اضافي منذ اذار الماضي. في حين كشفت غوغل النقاب عن مميزات جديدة للمراسلة والتصوير.ورغم ترنح الاقتصاد العالمي بسبب الركود الناجم عن جائحة كورونا وإفلاس عشرات الشركات، لا تزال شركات التكنولوجيا الكبرى المربحة للغاية والمليئة بمليارات الدولارات نتيجة هيمنتها لسنوات تتعمد وضع الاسس لمستقبل تكون فيه اكبر واكثر قوة من ذي قبل.
 
تمويل جديد
تضع كل من امازون وآبل وفيسبوك وغوغل ومايكروسوفت رهاناتها الجديدة بقوة، لان جائحة كورونا جعلت خدماتها شبه ضرورية، إذ لجأ الناس لها في التسوق عبر الانترنت او للترفيه عن انفسهم والبقاء على اتصال مع محبيهم، فمنحها هذا الارتفاع الصاروخي في الاستخدام تمويلا جديدا للاستثمار في الوقت الذي تراجعت فيه الصناعات الاخرى.
وبينما يمتد هذا التوسع، يدق المشرعون والمنظمون في واشنطن واوروبا ناقوس الخطر من قوة هذه الشركات العملاقة والضرر الذي قد تسببه للمنافسين ما يؤدي الى مسائل اخرى كنشر التضليل، فتهيأ مسؤولون في الاتحاد الاوروبي مؤخرا لتوجيه تهم الاحتكار ضد امازون لاستخدامها الهيمنة على التجارة الالكترونية لإبعاد المنافسين الاصغر، اما بريطانيا فقد بدأت بالتحقيق حول شراء فيسبوك لشركة الرسوم GIF.
ولم تُخفِ بعض شركات التكنولوجيا العملاقة السر في نيتها بالمضي قدما اثناء هذا الركود الذي افقد اكثر من 44 مليون اميركي عملهم وهو ما حذر المسؤولون منه بانه سيكون طويل الامد.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ الشهر الماضي: "كنت اؤمن دائما بان افضل شيء نفعله في اوقات الانكماش الاقتصادي الاستمرار بالاستثمار لبناء المستقبل، فعندما يتغير العالم بسرعة سيكون للناس احتياجات جديدة، ما يعني إيجاد المزيد من الاشياء".
 
ما بعد الجائحة
تواصل شركات التكنولوجيا الكبرى منهجها في مضاعفة النمو اثناء الالم الاقتصادي، إذ كانت الشركات المستثمرة في فترة الركود السابق حين كان الاقتصاد في اضعف حالاته هي الاكثر بروزا، فمثلا شركة IBM استغلت الركود في تسعينيات القرن الماضي لتغيير وجهتها من شركة اجهزة الى شركة برمجيات وخدمات. 
وقامت آبل، التي تهيمن هواتفها الايفون اليوم على الحوسبة، بمضاعفة ميزانيتها للبحث والتطوير لمدة عامين اثناء الانكماش الاقتصادي في مطلع القرن الحادي والعشرين. وتذكر الاستاذة في كلية هاس للاقتصاد بجامعة كاليفورنيا(جيني جاتمان) بان ذلك قاد الشركة حين كانت متجهة للافلاس تقريبا في اواخر التسعينيات الى إيجاد مشغل الموسيقى iPod ومتجر iTunes الموسيقي – وان الآيفون ومتجر آبل هو في النهاية خط نمو حر.
يقول المعلق التقني في مدونة صناعة الانترنت The Margins رانجان روي: " ان الشركات التكنولوجية الكبيرة وبلا ادنى شك ستخرج من الجائحة اكثر قوة اذا ما تصدى المنظمون لها. لان الجوانب الاضافية العديدة لحياتنا اليومية اصبحت تعتمد على منتجاتهم، ويمكنهم شراء او نسخ الخدمات التي لم يقدموها حتى الان". 
ويشير الأستاذ في كلية الأعمال بجامعة شيكاغو بوث (جون بول روليت) الى إن الشركات ما زالت تخاطر بالإنفاق في فترة غير مضمونة.
وبحسب حصيلة الكشوفات المالية فان مجموع ما تملكه كل من امازون وآبل وفيسبوك وغوغل ومايكروسوفت من السيولة النقدية 557 مليار دولار سيمكنها من الحفاظ على الاستحواذ والاستثمارات المشابهة للعام الماضي عندما كان الاقتصاد مزدهرا. ووفقا لشركة PwC الكبيرة للمحاسبة كانت هذه الشركات من افضل المنفقين على البحث والتطوير خلال العقد الماضي.
 
استثمارات عمالقة التكنولوجيا
عززت هذه الشركات نشاطها منذ اذار الماضي، عندما بدأت قوانين البقاء في المنازل، فتكيفت امازون وفيسبوك وغيرهما مع عمل موظفيها من منازلهم، وتزايد استخدام خدماتها وارتفعت شعبية برامج المراسلة والتحاور عن بعد، ما خلق فرصا، فبدأت مايكروسوفت الترويج لمجموعة خدمات الاتصال المرئية التي تسمح للناس بالتحاور عبر الانترنت، كما حصلت في الاشهر القليلة الماضية على ثلاث شركات حوسبة سحابية (افيرمد نيتوركز وميتاسويج نيتوركز وسوفتوموتف) لتزود الشركات الاخرى بالمزيد من التقنيات.
وحدثت غوغل خدماتها ليتسنى للناس استخدامها من منازلهم. وصرحت في نيسان الماضي ان خدمة المحادثة المرئية وغوغل مييت ستكون متوفرة بسهولة داخل نوافذ الجيميل ومجانية لكل من يملك حسابا في غوغل. وذكرت انها ستبدأ باضافة قوائم مجانية في نتائج بحث التسوق، بدلا من دفع التجار المقابل لظهور منتجاتهم في نتائج البحث لدعم عمليات البحث في التجارة
 الإلكترونية.
وبينما يتوقف الطيران بسبب الجائحة، الا ان امازون اكدت انها ستضيف 12 طائرة بيونغ 767 لاسطولها الذي يتألف من سبعين طائرة تسليم. وذكرت جريدة وول ستريت سابقا ان امازون تناقش شراء شركة النقل زوكس بمبلغ 2.7 مليار دولار. 
اما آبل التي تملك ديونا وسيولة نقدية قيمتها 193 مليار دولار فقد ذهبت في إنفاق الشراء الخاص بها، فاشترت هذا العام تطبيق الطقس DarkSky في الهواتف الذكية، وشركة الواقع الافتراضي NextVR، وشركة المساعد الرقمي وبرنامج التعرف على الكلام Voysis، وشركة الذكاء الاصطناعي Xnor.ai. كما ستعمل بنشاط على تطبيقي FaceTime و iMessage لكثرة استخدام الناس لها في الحجر
 الصحي.
وكان نشاط فيسبوك هو الاكثر وضوحا، فعند تفشي فيروس كورونا بالولايات المتحدة في اذار الماضي لجأ الناس الى وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها لاستخدام خدمات المحادثة الصوتية والمرئية. وسرعان ما استفادت من هذا الزخم، ما جعل زوكربيرغ يضيف في نيسان الماضي خدمة غرف الدردشة المرئية.
وذكرت فيسبوك انها تأخذ حصة بقيمة 5.7 مليار دولار في شركة Reliance Jio الهندية، وهو اكبر استثمار لها في شركة خارجية، ما منحها الوصول لاسرع الاسواق الرقمية نموا في العالم. واشارت الى ان شركة Jio استقطبت اكثر من 388 مليون شخص عبر الانترنت في اقل من اربع سنوات.
واشترت فيسبوك الشهر الماضي ايضا شركة جيفي بقيمة تقدر بــ 400 مليون دولار. واستثمرت مؤخرا الملايين في منصة Gojek ومقرها جاكارتا في اندونيسيا يستخدمها اكثر من 170 مليون شخص في جنوب شرق آسيا للدفع الرقمي والنقل وخدمات اخرى.
وذكر موقع Axios الاميركي سابقا ان فيسبوك اليوم تعمل على صندوق استثماري جديد سيساعدها في اكتشاف تطبيقات جديدة.
عن صحفية نيويورك تايمز