إياد مهدي عباس
كشفت جائحة كورونا عن الكثير من نقاط الضعف في الجوانب الاقتصادية والصحية. كما كشفت بالمقابل عن موقف شعبي ايجابي عكسته حالة التكافل الكبيرة بين شرائح وطبقات المجتمع العراقي حتى وصل الحال الى دعم المواطنين للمستشفيات كما حدث في عدد من المحافظات. وهذا يطرح عددا من التساؤلات.؟ بالأمس وفي ظل الموازنات الانفجارية أطلقت وزارة التربية شعار "مدرستنا بيتنا" وطلبت من الشعب ترميم المدارس لأنها عاجزة عن ذلك. واليوم نجد أن المواطن يجمع التبرعات ويدعم وزارة الصحة ومستشفياتها بالأوكسجين والكمامات والقفازات في حالة ايجابية تعكس الشعور بالمسؤولية إلا أنها في ذات الوقت تعكس الفشل الحكومي في توفير الخدمات للشعب في أهم وزارتين واهم جوانب الحياة وهما الصحة والتعليم، وهما دائما ما يكونا في مقدمة اهتمامات الدول التي تريد بناء الإنسان بصورة صحيحة.
إن الجميع يعلمون أن سبب تردي الخدمات هو الفساد المتفشي في أروقة العملية السياسية بسبب المحاصصة التي أصبحت ماردا لا يمكن إيقاف زحفه وتماديه في مفاصل الدولة، ولكن هناك إجراءات حكومية جدية تسعى للحد منه.
ولو أردنا أن ننظر الى الموقف الحكومي تجاه الأزمة الصحية والاقتصادية التي تواجهها البلاد سنجد أن الجميع أصبح يعلم بأن أهم أسباب الأزمة الاقتصادية هو غياب التخطيط الستراتيجي للحكومات السابقة واعتمادها الكلي على النفط في توفير الدخل للموازنة العامة وتفشي الفساد في المؤسسات الحكومية والوزارات كما ذكرنا سابقا، الأمر الذي جعل العراق أمام ضائقة مالية خطيرة بمجرد انخفاض أسعار البترول. وأن علاج هذه الأزمة الاقتصادية يأتي عبر خطوات ستراتيجية أهمها مكافحة الفساد وتشجيع القطاع الزراعي والصناعي والسياحي، وهذا يحتاج الى موقف تاريخي وشجاع وإعلان حالة الطوارئ ضد الفساد وسرقة المال العام.
أما الأزمة الصحية فكشفت عن نظام صحي ليس بالمستوى المطلوب ولم يكن بمستوى الموازنات الضخمة التي صرفت خلال السنوات الماضية من قبل الحكومات المتعاقبة، والدليل على ذلك حاجة المستشفيات الى دعم المواطنين وتبرعاتهم مع زيادة في حالة الوفيات في العراق مايثير القلق لدى المواطن. وعندما يتم تشخيص الأسباب فلا بد من وضع الحلول المناسبة. ويعتقد البعض بأن الفرصة سانحة وبقوة لحكومة السيد الكاظمي لتصحيح المسار فيما اذا كانت هناك إرادة حقيقية للإصلاح لاسيما مع توفر الدعم الشعبي ودعم المرجعية لخطوات الإصلاح الممكنة.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة قد لجأت الى الاقتراض الداخلي والخارجي كخيار مهم لتجاوز الأزمة إلا أنها بحاجة الى الاصلاحات الحقيقية وإجراءات مهمة لا بد من اتخاذها لمساعدة الكسبة والفقراء على تجاوز الأزمة من خلال تزويدهم بالمنح المالية وحصة تموينية كافية لنتمكن من العبور جميعا في مركب واحد.