عبدالستار البيضاني في موشور النقد

ثقافة 2020/07/09
...

 
 
قحطان جاسم جواد
 
في كتابها (في موشور النقد... دراسات في قصص وروايات عبدالستار البيضاني)  تناولت الدكتورة رباب هاشم مسيرة وإبداع البيضاني منذ قصصه الأولى ثم رواياته من خلال ماكتبه النقاد عنه من دراسات نقدية. تضمن الكتاب الصادر عن دار تموز/ ديموزي مقدمة وقسمين: الأول؛ تناولت فيه النقود التي كتبت عن قصصه، والقسم الثاني للنقود التي تناولت رواياته. يقع الكتاب الصادر العام2020 بـ 253 صفحة من القطع الكبير. القسم الأول تضمن نقود كلٍّ من الدكتور حسنين غازي لطيف وحسين سرمك وجاسم عاصي وقيس كاظم الجنابي وعلي حسين عبيد وصادق ناصر الصكر وابراهيم سبتي وكمال عبدالرحمن وصباح الانباري وحسن النواب وسيف الدين كاطع ويوسف الحيدري ومحمد صابر عبيد ورباب هاشم ويعرب السالم ومحمد ابو خضير ومحمد شاكر السبع واسماعيل عيسى وجميل الشبيبي. في حين تناول القسم الثاني نقود روايات البيضاني التي كتبها كل من شكيب كاظم وحيدر عبدالرضا وضياء الخالدي وعلي حسين عبيد وحسين سرمك وعبدالعزيز ابراهيم ومحمد الأحمد وعامر حمزة وشوقي كريم حسن ونصيف فلك وفؤاد العبودي ولطفي جميل وعلي لفتة 
سعيد. 
تقول رباب في مقدمتها (ان الكتابة عن تجربة البيضاني تعني الامتداد الى عمق تاريخ السردية العراقية الثرة والمنوعة، لانه ليس أديبا هامشيا إنما بؤرة السرد العراقية، ومن الأسماء اللامعة التي يشار إليها بالبنان. وقد بدأ قاصا مبدعا يعتمد نمو الحدث وتداعياته بأسلوب رشيق يتميز باستثماراللقطة والواقعية ويغذيها بتفاصيل فنية جاعلا القارئ مشاركا ومنبهرا بمثل تلك القدرات التي تجعل الشخصيات المألوفة غير مألوفة وهو يستدرج وعيها الذهني ويفسح المجال لها بالحركة والانطلاق. نشر البيضاني غير مجموعة قصصية بعضها مشترك مع آخرين والبعض الآخر وحده منها "أصوات عالية" و "قلعة النساء" و "الثنائيات". وقد تميزت بالسرد الذاتي بضمير المتكلم وهي مهمة صعبة لاختلاط السارد بالمؤلف. واستطاع فيها ان يسمو على ذاته الشخصية نحو افاق أسطورية تدفع الواقع الى التشبث بالسلوكيات الشعبية والافكار الفولكلورية، مما يعطي لقصصه سمة الأسطرة الكاشفة عن الجوانب الذاتية والنفسية للشخصية الانسانية الشعبية البسيطة. وتشير الدكتورة رباب الى أن عبدالستار البيضاني في السرد الروائي أصدر روايتين أحدثتا تأثيرا واضحا في النقدية العراقية، اذ كتب عنهما العديد من نقاد الادب العراقي والدارسين وهما رواية "على ضفاف الدانوب" العام 2001،و الثانية بعنوان "لجوء عاطف" العام 2004. 
وهما تعالجان مظاهر وإفرازات الحرب والحصار ومعاناة الناس منهما، فضلا عن التحولات التي جرت على بنية المجتمع العراقي من جراء ذلك. واثبت البيضاني بقصصه وروايته أنه يشق طريقا متفردا بين أبناء جيله (جيل الثمانينات)، فلم يتوقف عند التجريب بل توغل في استقراء عمق المجتمع العراقي لاسيما الجنوبي بكل آلامه ومعاناته وإفرازاته ساعده في ذلك انحداره من أسرة جنوبية عاشت في إحدى قرى مدينة العمارة، ثم هاجرت الى بغداد. كما تميزت كتاباته عن مدن الجنوب بأسلوب سردي محبب، يعرج فيه على إرث أولئك العراقيين في جذورهم التاريخية وتراثهم وأساطيرهم وجمال بيئتهم وعاداتهم واغانيهم وخرافاتهم، كل ذلك من أجل تقديم صورة واقعية جدا. والبيضاني في كل قصصه ورواياته حاول رصد الواقع المعاش بعين ثاقبة ذكية بعد ان فتح عينيه على سنوات الخمسينات والستينات (مواليد 1958)، كما اخضع سردياته الى عالمين هما عالم الواقع بكل تفاصيله ووقائعه، وعالم آخر بديل مواز للعالم الحسي لكن بلغة سردية تعتمد جوهريا الابداع والتخيل، موظفا الزمن الفيزيائي او الموضوعي بطرائق فنية وجمالية مغايرة. ففي القصة حاول التركيز والايجاز المكثف للزمن حتى يجعلنا نرى الناس والاشياء في لحظات زمنية مكثفة باعتماد عنصر التخييل الذي يعد مصدرا لانتاج الصور والصياغات الفنية كما عمل على كسر أفق التلقي بادهاشاته الفنية التي دأب عليها بقصصه او 
رواياته.
فضلا عن ذلك ولج البيضاني عوالم أخرى أبدع فيها منها كتابة قصص وسيناريوهات الافلام منها فيلم "سر القوارير" الذي يعد من الافلام المهمة التي أنتجها مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، إذ استقبله النقاد بالترحيب والاهتمام. وقام على إخراجه الفنان الدكتور علي حنون. كما عمل في إعداد غير برنامج ناجح في قناة الديار الفضائية وقنوات أخرى. وعمل في الصحافة العراقية والعربية منها مجلة ألف باء والاتحاد الاماراتية والبيان وأخبار الأدب لمصرية. كما تبوأ رئاسة تحرير مجلة الشبكة العراقية وجريدة الصباح الرسمية ومجلتي والمزمار وحاليا مجلة الأقلام 
الأدبية.