شجرة من ضوء

ثقافة 2020/07/09
...

علي لفتة سعيد
 

ليس بيني وبينك سوى هذه الشجرة
كلما هزّتها الريح تساقط الرطب منها على شكل قصيدة
وليس بيني وبينك سوى هذي الحروف
كلما دوّنتها تساقط منها الماء على شكل أنهار من لبنٍ مصفى
فما بال الكلام لا يجني سوى الريح
نسيت في غمرة الفرح
أن أعلّق سبع عيونٍ على باب البريد
كي لا يحسدني أحد
وأنت تفتح الباب وتقول للحروف تعالي من الجهات
لا شيء يقف مثل مردي يدفع البلم في هور عميقٍ
كي يصطاد ما يأتي به القاع
كانت الأشياء قريبة من سطح البذخ 
فترقص مقالات الوعي على أنغام الصحف الأولى
أنا هناك أبحث عن جرّاح يخيط لي صمتي كي أنطق بالصراخ
أبحث عن ضوءٍ لا يخفت يومًا 
بيد من أشعل الطريق الى المعاني
وترك النوافذ مفتوحةً لدخول الفرح
كنت حينها أفتح كتب المعرفة لأبحث عن تأويل
وحين لمحت الضوء، قال الناس
ها هو ذا يشير لنا بقبلاتٍ من أسطرٍ تسلّط الروح على أجنحة فراشات
فلماذا تموت الرغبة بالمكوث
ويخنق صوتي بعد أن كان له صدى في دول الغابات والضباب
ولماذا يسعى الحاسدون الى قراءة الأدلة بالمقلوب
ويجعلون التهم تخرج من فم ساحر هندي
 لكني أعلم أنه نسي أفعاه في قعرٍ محترق
وجاء بأفعىً أخرى كي تلتهم الحروف
وتمنع الضوء كي يكون نورًا
فيا أيها النور
أعد فتح الباب
واترك النوافذ كي يطلّ الضوء من جديد
فما زال المبضع بيدك
وأنت وحدك من تعيد النسغ الى معناه
** 
ليس بيني وبينك إلّا ما أجاز لنا الله في التعبير
أن نكتب بأصابعنا كلّ الدفاتر
أن ندوّن كلّ خلجاتنا على ورق الهمسات
أن نسمع كلّ أصواتنا بين الشفاه
ان لا ننصت للريح حين تعوي بين الحقول
تلك السماء أقرب إلينا من حبل الوريد
وتلك الغيمة الطائرة لا تحمل في رحمها سوى المطر
وقد تركت بياضها معلّقًا بين الضلوع
وتلك الأفعى لا تسمع موسيقى الحاوي
ظلت وحيدةً في قعر قبّعةٍ لم يسعها الرأس بعد رحيل راقصها
أو أن شجرة المشمش الأولى في أوّل البستان
لم تكن تداعب ما تركناه على جذعها الهاطل على صدرك
لذا 
فلا شيء بيننا غير ما أهلَّ للعشق
وما تيسّر للغناء
وما أراد البوح إعلانه
إن الفداء أن تموت وأنت كامل الحب
فالجمال آية
لا تحتاج الى فقيهٍ ليدرك معناه
فيضيع المعنى في سبعين 
محمل