فصل التخطيط عن التنفيذ

اقتصادية 2020/07/09
...

د. باسم الابراهيمي
 
تعدُّ مشكلة الإحصاءات والبيانات من المشكلات الأساسيَّة في العراق، وذلك لكون انعدام البيانات أو 
عدم دقتها يسببُ مشكلة أخرى أكثر خطورة تتمثل في عدم القدرة على تقديم الحلول المناسبة في 
شتى المجالات، ومن بين الموضوعات التي كثر الجدل حولها بين الاقتصاديين هو موضوع حجم الإنفاق العام الاستثماري الفعلي خلال السنوات الماضية، إذ 
تشير التقديرات الى أنها بلغت بحدود (300) مليار 
دولار للمدة (2003 - 2019)، والسؤال هنا: ما الذي تحقق من تلك المبالغ؟ وكيف يمكن أنْ نعالجَ الخلل الواضح 
فيها؟
إنَّ مراجعة تنفيذ الموازنات الاستثماريَّة للمدة المذكورة تبين أنَّ الإنفاق الاستثماري عانى من مشكلتي تدني نسب التنفيذ وتذبذبه، وذلك بدلالة نسب الإنفاق الفعلي إلى المخطط في الموازنات العامة وذلك حسب البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط الاتحاديَّة، إذ بلغ متوسط نسب التنفيذ نحو (60 %) للمدة المذكورة، ويعود انخفاض نسب التنفيذ بشكل رئيس الى سوء الأوضاع الأمنيَّة، فضلاً عن الأسباب المتعلقة بسوء الإدارة والروتين والفساد، علماً 
أنَّ البعض يشكك حتى في هذه النسبة ويرى أنَّ الحقيقة أقل من 
ذلك بكثير، وإذا ما تركنا الإحصاءات والبيانات واعتمدنا على 
تحليل المعطيات التي نشاهدها يمكن القول إنَّ الإنفاق الاستثماري يعدُّ باباً من أبواب الفساد التي يصعب السيطرة عليها في 
ظل الآليات المتبعة، وبالتالي فإن 
هذا الموضوع بحاجة الى معالجة حقيقيَّة للنهوض بواقع الاقتصاد العراقي.
لقد حاولت الحكومة السابقة أنْ تحلَّ المشكلة من خلال الاتفاقيَّة العراقية - الصينيَّة وإنشاء صندوق للاستثمار ليكون التنفيذ بإشراف حكومي عالي المستوى، 
لا سيما على الشركات المنفذة وهي خطوة جيدة
 لو كتب لها النجاح، أما الحل الآخر الذي نقترحه هنا فيتمثل 
في تشكيل جهة  (هيئة او أي تسمية أخرى)  ترتبط برئاسة الوزراء تعملُ على إحالة ومتابعة المشاريع الاستثماريَّة ضمن الموازنة العامة بدلاً من الوزارات، أي تختص 
الوزارات بالتخطيط للمشاريع الاستثماريَّة التي تحتاجها ضمن مجالها، بينما تختص الهيئة المقترحة بإجراءات التنفيذ، وبالتالي فصل جهة التخطيط عن جهة التنفيذ؛ والذي نعتقد بأهميته في مواجهة الفساد، وهذا المقترح نضعه أمام أنظار الحكومة الحالية وهي تعد برنامجها للإصلاح الاقتصادي عسى أنْ يكونَ مفيداً وقابلاً 
للتطبيق.