نجم بحري
ليس من شك أنَّ توافر لغة مشتركة صادقة للحوار ومبدأ القبول والتراضي هو المدخل السليم لإزالة التراكم الثقيل الجاثم على صدور شعبنا العراقي الصبور منذ عقود جحاف.. وما بعد الاحتلال وازاحة النظام السابق 2003 حيث لغة السيطرة والاستبداد هي السائدة، ثم ان هناك حقيقة لا يمكن غض الطرف عنها لارتباط التجربة الراهنة في العراق الجديد بها ألا وهي ضرورة ايجاد صياغة فعلية مشتركة باتجاه إقامة (دولة النظام والديمقراطية) والتي ستشكل الاساس الرصين في حياة الشعب العراقي الجديدة، وبما سيسهم في تجاوز الكثير من الموروث الثقيل في الحياة السياسية السابقة الفارغة من اي محتوى انساني او ديمقراطي او سياسي متزن. إن تلك الصياغات المشتركة ستكون من دون شك مدخلا لاحتقان الواقع الملغم على السطح السياسي واستدراك اوسع وبرؤية عقلية صادقة ونكران ذات، معتمدا على قاعدة تتجاوز الأطر الضيقة الحاصلة. وحيث اللغة العامة المشتركة بتوسيع المدارك الديمقراطية في مجالات الممارسة السياسية الوطنية وهو ما سيشكل جزءا مهما من ثقافة التداول السلطة السلمي لتحقيق طموح شعبنا في الحياة الكريمة .. وانقاذ الوطن من تداعيات واضطراب مفاصل الحياة الامنية والاقتصادية والاجتماعية.
فحين تكون المشاركة وروحها فاعلتين ومؤثرتين لا تدعان مجالا لان يكون المنصب لاي من كان مرتعا. ان ساحة العمل السياسي المتزن تتطلب التفاعل في الاراء والاحترام كما تتطلب التفاعل الايجابي المرن في مواقف الرأي والافكار النزيهة ان تكون الساحة العراقية المضطربة وقلق الشارع العراقي خير مجال لتوحيد الاهداف الانسانية في التطور وتأمين حياة كريمة للشعب العراقي.
ان النظرة المستقبلية وافاقها مرهونة إذن بتحقيق مكاسب حقوق الشعب في الظرف الحاضر الذي ينبغي له الحسم . ولذلك فإن ساحة الفعل السياسي الايجابي في العراق الجديد تتطلب احتواء المنطق الوجداني في الاراء كما تتطلب التعامل في المواقف المصيرية بروح اخلاقية عراقية رصينة ايضا. اذ ان تفاعل الافكار الناضجة وطرح الاراء الصائبة هو خير مجال لإغناء الواقع المرير وغير المستقر ومنذ اكثر من عقد من الزمن المظلم .. بما يوحد الاهداف العامة ويوسع نطاق التحاور الايجابي الرصين لان المستقبل متواصل بالحاضر في كينونة معقدة ومركبة شائكة.. وهو ما يتطلب خبرة وتفاعلا متواصلا صادقا ونزاهة ايضا.
وهي مهمة جماعية لايكون بمقدور اية جهة الادعاء بأنها تستطيع وحدها إنجاز كل شيء لإغناء المستقبل. إن أبناء شعبنا يتطلعون برغبة صادقة وراسخة الى تشكيل (حكومة الوحدة الوطنية من رحم الامة العراقية وفق الاستحقاق الدستوري) لمكونات المجتمع المتجانس وهو مؤشر لانهاء حالات التشرذم والتقاطع السياسي غير المستقر حتى الان والارباك الذي يسود الشارع العراقي بل هو حافز للتمتع بثمار سنوات مجحفة طويلة من الصبر والمعاناة ضد الارهاب والذي ما زال ينهض من حين لآخر مستغلا الواقع الامني المضطرب. وينطلق ذلك الهدف الوطني الكبير من حقيقة ان العراق الجديد وطن لكل العراقيين فهم متساوون بالواجبات والحقوق وان مؤسسات الدولة مفتوحة لهم ليتنافسوا على اشغال المواقع واخذ المهام فيها خدمة الشعب برمته نحو تطوره وتنميته ورفاهه .. كما ان اعتماد الشفافية في التحاور المنطقي الوجداني والاخذ بالاراء الصائبة للنفع العام هو المنطلق المطلوب لحسم هذه التداعيات المستديمة المعتمة القائمة حتى الان. لقد بات من المؤكد ان الاخذ بالرأي الشمولي في اختيار الرئاسات الثلاث بعد الانتخابات (المزمع اقامتها وفق القواعد الدستورية وبعد تعديل بعض بنوده .. وهو الذي سيقود الواقع المؤلم في العراق غير المستقر للوصول الى مربع الأمان والاستقرار والثقة والوئام.. مع فرض القانون واحترامه.. وتواجد حكومة نزيهة تخلو من المحاصصة الخبيثة ومعالجة الخلل الجاثم على ابناء شعبنا العراقي.. إنما هو الطريق السليم لانقاذ الوطن من مخالب التمزق والنهب والسرقة وتخليص العراق من المفسدين وطوابير عناصر التحدي الارهابي.. إن الشعب العراقي ينتظر انتخابات نزيهة وقريبة بفارغ الصبر.