حسين علي الحمداني
الأزمات المالية للدولة تجعلها تبحث عن الكثير من الحلول من أجل تجاوز ذلك، والعراق كما يعرف الجميع يمر بأزمة مالية منذ بداية هذا العام أسبابها معروفة للجميع وهي انخفاض أسعار النفط الذي نعتمد عليه كليا في تأمين الرواتب وتمويل المشاريع ويمكننا القول إنه يشكل أيضا عصب اقتصاد الفاسدين، هذا الكلام الذي نقوله ليس فيه تجن بقدر ما أنه بات اليوم بشكل رسمي خاصة بعد التصريحات الرسمية وتدقيق قوائم الرواتب تبين للجان المشكلة "أن خمسة مليارات ونصف المليار دولار تذهب الى الرواتب فقط، وبتدقيق بسيط وطرد الفضائيين وتوحيد الرواتب براتب واحد، سوف يخفض نحو 2 مليار دولار شهرياً، ويبقى على الحكومة تأمين 3 ونصف مليار دولار للرواتب". الفارق هو 2 مليار دولار تذهب إلى جهات خارج إطار العمل الوظيفي في مختلف الوزارات وهذا المبلغ الكبير جدا هو ليس وليد هذا الشهر أو هذه السنة بل هو منذ سنوات طويلة ولو أجرينا إحصاء بسيطا على مدى عشر سنوات مضت سنجد أن هنالك ما يقرب من 240 مليار دولار سرقت من أموال الشعب العراقي أي أننا سنويا نفقد 24 مليار دولار، وهو ما يوازي موازنة الكثير من الدول أو على الأقل عجز موازنة العراق في السنوات القليلة الماضية.
السؤال الذي يطرحه المواطن العراقي هل تستطيع الحكومة استرداد ما تمت سرقته؟ أم تكتفي بإيقاف هذه السرقات رغم أن محاولات الحكومة في عملية الإصلاح واجهت بعض الرفض من القوى السياسية التي تجد أن الإصلاح قد يقوض الكثير من الركائز المالية التي تعتمد عليها خاصة أن هذه الرواتب لا تذهب إلى جيوب أفراد بقدر ما أنها تشكل العصب الاقتصادي للكثير من الأحزاب التي وجدت أن تقاسم السلطة يقابله تقاسم الفساد المالي والإداري ومن ثم تبقى هنالك الكثير من القوى الوطنية عليها مساندة إجراءات الحكومة في عملية الإصلاح المالي وألا تظل عمليات السرقة الكبيرة وهذه عائق أمام عجز الحكومة عن توفير رواتب الموظفين الحقيقيين والمتقاعدين الذي يحتاجون الراتب مضافا لذلك رواتب الرعاية الاجتماعية وغيرها من شرائح المجتمع العراقي.
ويمكننا القول إن في العراق الآن إرادة سياسية وصوتا قويا لمكافحة الفساد حتى وإن كانت هذه الإرادة ممثلة بالحكومة لكننا ننتظر من البرلمان أن يدعم هذا عمليا وليس بالتصريحات كما عهدنا ذلك في السنوات السابقة لأننا في مرحلة حرجة جدا وإن واردات النفط لم تعد تكفي كما يعرف الجميع وعملية دعم الحكومة في هذا الميدان موقف وطني، مضافا لذلك تنمية موارد الدولة وتعزيز قدراتها المالية وإن توفير 2 مليار دولار قد تضاف لها موارد المنافذ الحدودية وغيرها من الأمور المالية الأخرى تجعل العراق يتجاوز هذه الأزمة بشكل كبير جدا من دون الحاجة للاقتراض الذي يقيد اقتصاد البلد كما يعرف الجميع.