أبجدية {التبسي}

آراء 2020/07/13
...

حمزة مصطفى
 

حازت العادات الغذائية للشعوب على النصيب الأوفر من الحديث بعد جائحة كورونا هذا العام (2020). هذه الجائحة التي ظهر بالدليل القاطع أن المتسبب الرئيس فيها عادات غذائية خاطئة من وجهة نظرنا على الأقل ينفرد بها الصينيون وبعض البلدان الآسيوية ,لاسيما تناول أنواع معينة من الحيوانات والحشرات تبدأ بـ "باجة الكلاب" الى حساء الضفادع مرورا طبعا بمقلي الخفافيش وسواها. الصينيون وبعض الآسيويين ممن يقيمون في بلداننا لهم أيضا تصوراتهم المختلفة عن عاداتنا نحن الغذائية التي تبدأ بالباقلاء بالدهن الحر قدورية الهوية مرورا بمشاوي التكة والكباب زرزورية الانتماء وصولا الى مسكوف أبي نواس الذي تحول الى أيقونة غذائية عالمية وبينها قوزي ابن سمينة أو كبة السراي أو باجة الحاتي وابن طوبان وما بينها من أكلات غذائية ذات طابع منزلي مثل تشريب الباميا أو الفاصوليا على التمن أو التبسي الذي هو عنوان مقال هذا الأسبوع, فضلاً عن باقي أنواع الغذاء الخفيف  كالمثرودة أو المسمن, أوالمخلمة أو العروك أو .. محروك اصبعه.  مع ذلك فإنني لا أعرف إن كانت قائمة طعامنا تتفوق من حيث العدد والكم على قائمة الطعام الصينية (خفافيشية الهوية) أو الإيطالية (سباكيتية الهوية) أو الهندية (بهارية الهوية) أو الأميركية (بركركية الهوية) أو تقل. أو تحتاج الى تخريجة ماركسية على غرار مفهوم ماركس عن النمط الآسيوي للإنتاج الذي لم يكن من بينه عادات هذه الشعوب الغذائية التي شكلت جزءاً من شخصيتها ونمط ثقافتها ووعيها المجتمعي قبل العولمة وبعيداً عن الحتمية التاريخية.  بالعودة الى التبسي العراقي فإن تحليل مكوناته الرئيسة وهي الباذنجان والطماطة، فضلاً عن مكملات أخرى طبقاً لنوع التبسي يمكن أن تعطينا تصورا عن طبيعة هذه الأكلة وعلاقتها بالعراقيين في ظروف مختلفة. هناك فرق بين تبسي لحم أو تبسي دجاج أو مجرد خلطة من طماطة وباذنجان وبصل وفلفل أخضر وزيت وبالتالي هو أقرب الى المرقة منه الى التبسي. وبصرف النظر عن المكونات فإن العلاقة بين الطماطة والباذنجان تحولت بالنسبة الى المواطن العراقي لعلاقة حاجة وأمن غذائي أكثر مما هي علاقة مطبخ وقائمة غذاء. في التسعينيات من القرن الماضي أسعف الباذنجان العراقيين أثناء جائحة الحصار بحيث تسيد الأسود أو وحش الطاوة مثلما أطلق عليه أكلات العراقيين. وفي ظل تلك  الصعوبات التي فرضها الحصار الاقتصادي الشامل والقاسي على الناس بات الباذنجان يوصف بأنه صديق الاسرة.  الآن وفي ظل نمط آخر مما يدخل في سياق الأمن الغذائي برزت الطماطة الى الواجهة بوصفها أكثر المنتجات الزراعية مظلومية بسبب كثرة المعروض الوطني منها بينما لم تتوقف الطماطة المستوردة ومعها قائمة أخرى من الخضر والفواكه التي تواصل إزاحة إنتاجنا الوطني بإرادة الفاسدين السياسية. هنا بات الأمر مختلفا لجهة كون الباذنجان غطى على ما يمكن عده كارثة على صعيد الأمن الغذائي بسبب منع الاستيراد بقرار أممي, بينما اليوم نعاني من فتح أبواب الاستيراد بدون ضوابط بينما إنتاجنا من الطماطة وعدد آخر من الخضر والفواكه يفيض عن الحاجة المحلية ويهيئ قاعدة للتصدير. لكن يبدو أن كروش الفاسدين تكبر فقط مع المستورد بوصفه أحد الحلول الوطنية العابرة لكل أشكال الهويات العرقية والطائفية طالما أن الأمر يتعلق  بـغسيل أموالهم التي لا ينظفها حتى .. حسوني الوصخ.