تخرصات غسل الأموال

اقتصادية 2020/07/14
...

محمد شريف أبو ميسم
 

جاء قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي الأخير المتعلق باستمرار إبقاء العراق في قائمة الدول عالية المخاطر بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، مغايراً لكل التحولات التي أفضت الى خروج العراق من قائمة الدول الخاضعة لعملية الرصد والمتابعة من قبل مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) في تموز 2018. فقد استطاع العراق بعد تشريع قانون غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب رقم 39 لسنة 2015 أنْ يحقق تقدماً ملحوظاً في تطبيقات محاربة هذه الظاهرة عبر سلسلة من القرارات والإجراءات بهدف الوصول الى مستوى المتطلبات التي تنسجم والمعايير الدولية لمكافحة هذه الظاهرة، وكان من أهمها، اتخاذ قرار باستقلالية مكتب مكافحة غسيل الأموال في داخل المركزي في العام 2016 . والتعاقد مع شركات عالمية للتدريب على العمليات الحديثة في هذا المجال.في وقت أكد فيه محافظ البنك المركزي خلال اجتماعه بممثلي المصارف الحكومية والاهلية، في نهاية أيار 2016 "أنَّ السياسة المتبعة من قبل المركزي لن تكون كما كانت، وأنه عازم على تقليص أعداد المصارف المشاركة في مزاد بيع الدولار تبعاً لأهليتها.."، ثم قام المركزي بتوقيع مذكرة تفاهم مع الجانب البريطاني في العام 2017 لتطوير إجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، تتضمن تقديم منحة مالية من الجانب البريطاني للبنك المركزي العراقي لدعم الجهود في هذا المجال، ثم وصول لجنة أميركيَّة مختصة من موظفي قسم مكافحة الاستخبارات المالية الى العاصمة بغداد لغرض توسيع التنسيق مع البنك المركزي العراقي.أعقبها حرمان 300 شركة تحويل مالي وصيرفة من التعامل لعدم مطابقة أدائها مع التعليمات النافذة، وعلى إثر ذلك تم رفع كيان البنك المركزي من قائمة العقوبات المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1843 وفقاً لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في 7 حزيران 2018 ، وفي الأول من تموز 2018 أعلن المركزي خروج العراق بشكل رسمي من قائمة الدول الخاضعة لعملية الرصد والمتابعة من قبل مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، بالتزامن مع إدخال التقانات ومنظومات الدفع الالكتروني لأول مرة في العراق، بما فيها "المقاصة الإلكترونية، والعمل بنظام تبادل المعلومات الائتمانية (CBS)، ورقم الحساب البنكي الدولي الآيبان (IBAN)، ونظام "المقسم الوطني" الخاص بتبادل التحويلات المالية عن طريق البطاقات الائتمانية، ودخول وحدات الصرف والتبادل (ATM) بوصفها وحدات تقديم الخدمة بالأماكن العامة والأسواق في إطار برنامج الشمول المالي، وسواها من الخطوات التي كرست التأسيس لمناخات صحيَّة في التعاملات والتداولات الماليَّة.إلا أنَّ قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي، بدا وكأنه يعبر عن سبب مبهم تحت ذريعة عدم استقرار الوضع الأمني، وهو في واقع الأمر قد يشكل مدخلاً لمسؤوليات جديدة تتعلق بأدوات السياسة النقديَّة، وخصوصاً مزاد بيع العملة، فإذا كان القرار "لا يعني منع التعامل مع العراق ويقتصر على تطبيق العناية الواجبة تجاه التعاملات المالية التي تكون المؤسسات العراقية جزءاً منها"، بحسب بيان مكتب غسيل الأموال، فإنَّ الأمر يبدو موجهاً نحو بيئة مالية تترك سياسة التحكم بسعر الصرف لآلية السوق.