وللكبار حاجتهم من التعلّم

الصفحة الاخيرة 2020/07/20
...

علي حسن الفواز
 
ليس عيبا التعلّم في الكبر، لأنّ العلمَ  ضالةُ الانسان المؤمن والمُدرِك والباحث عن المعرفة، وإذا كان البعض يجد في طلب العلم رهينا بالعمر، فمعنى ذلك وجود حدود وقياسات ضاغطة تفرض ارادتها على الافكار التي يتداولها الانسان، حيث لايمكن الخروج عنها، وهذا مايناقض  طبيعة العلوم والافكار، في حريتها وفي اسئلتها وتطورها، وفي علاقتها بالناس وحاجاتهم ومصالحهم، ولحقيقة ما تُمثله من ضرورات لها وظيفتها في ادامة الحياة وفي تأهيل الوجود الانساني، على مستوى العلاقة مع الآخرين، أو على مستوى حماية تلك المصالح وتوسيعها، وفي تكوين الخبرات والتجارب التي تستفيد منها الاجيال اللاحقة.
الحاجة الى التعلّم لا يمكن عزلها عن الحاجة الى تحسين إداء الانسان في الحياة، وفي تنمية قدراته على ايجاد ظروف افضل لحياته،، إذ يكون العلم مصدرا من مصادر الإدامة والتنمية والتمكين، وعنصرا فعّالا في توسيع مديات البناء الثقافي، فضلا عن دوره في تجديد عناصر المعرفة، والتعلّم ذاتها، فالكلّ يعرف أن العلوم والمعارف والأفكار تنمو وتكبر وتشيخ مثل الانسان، وهذا مايجعل الحاجة الى التجديد، والى التواصل والتفاعل من الأمور الضرورية التي يطلبها الانسان، في تطوير وتوسيع مداركه، وظروف تعليمه، بعيدا عن قياسات العمر الحادة، لاسيما وأنّ تعلّم الكبار سيوسّع الفرص، وسيقلل من هامش الأمية في المجتمعات، مثلما سينعكس على دعم برامج تعلّم الصغار، وعلى تهيئة الفرص الكاملة لهم في قبول العلم والتفاعل معه كمصدر من مصادر تغذية العقول، وفي تطوير اهدافه في المجالات كافة.
إن تضخم ظاهرة الجهل والأمية بوصفها شكلا لتغييب التعلّم، تتطلب مواجهات حقيقية، في سياق الحدِّ من اخطارها، وفي سياق ايجاد بيئات تعليمية وثقافية واجتماعية وسياسية تقبل بالتطور، وبحيوية الجديد من الأفكار والعلوم، وهذا مايعني ضرورة العمل على وضع الخطط اللازمة للتعاطي مع ظروف واسباب موانع التعلّم بين اعمار متعددة، واهمية الالتزام القانوني مسارات التعلّم الاساسي من جانب كما أقرّته الأمم المتحدة، فضلا عن الاسهام الجاد في تنمية البرامج الثقافية والتعليمية، عبر منصات عديدة، على مستوى الفضاءات الاجتماعية، ومؤسسات المجتمع المدني، وتشجيع وسائل التعلّم في المدارس الخاصة، أو التعلّم عن بعد، وضمن برامج التعليم الالكتروني، أو على مستوى وسائل الاعلام المتعددة، لأن الغاية من التعلّم لا تخصّ الجوانب الابجدية فقط، بل تتجاوز ذلك الى نشر واعمام الثقافات والمعارف الانسانية الجديدة، والتي يمكن أن تكون عنصرا عميق الأثر والجذب لإدماج الانسان في البنية الحضارية المجتمعية، وفي التفاعل مع قيم العالم الجديد، ووعي أنماط معيشه، وتحولاته الاجتماعية والثقافية والانسانية والتربوية والصحية...