عوليسُ فِي مِحنتِهِ

ثقافة 2020/07/20
...

 
نصير الشيخ 
 
 
آراهُ عِندَ سَدفِ المَتاهةِ شَبحاَ 
 مَراحاً كانَ لَهُ البَحــــــــرُ
 أيقَظَ فِي قَاربهِ جُموحَ البَاحثِ عَنْ جُزُرٍ خَلفَ الآفاقِ
 خَاضَ عُبَابَ الأمــــــوَاهِ
 وَتَجرَّأ كَشفَ كُهوفِ البَحرِ
فَفزتْ " سِيرينياتٌ " زاعقةٌ 
وآهتاجَ المَوجُ بِليلٍ غَاصتْ فِيهِ كَواكبُهُ..
عَروسُ البحرِ الآيونيةِ قَادتْ خُطاهُ أسِيراً 
كَانتْ آخرَ مَحظياتٍ مِنْ جَيشِ الحُورياتِ لِمملكةِ "كَاليبسو"
كَيفَ ارتهنَ لها بِشِباكِ خَطِيْئَتِها 
 وَتمدّدَ مَخمورَاً مِنْ عُشبِ أُنوثتِها 
تَحتَ ظِلالِ كُهوفِ الشّهوةِ 
"عُوليسُ" جَسَداً يُفترُسُ وَسطَ هَياجِ الحُورياتِ 
 صَخبٌ بَاذخٌ أدمنَ لَياليهِ مِنْ أعيادٍ "دِيونيزيزيةَ" 
 تَمصُّ رَحيقَ الفُحولةِ مِنْ حِلمتيهِ 
عروسُ اللّيلِ أُنثى الفَجرِ/ نُجومٌ تَلمعُ فِي خِدرِها 
 والقَمرُ البازغٌ عَبّ كؤوس ضِياءٍ الكونِ.
جَسدٌ مِنْ نَارٍ وَشَهوةٍ وأسفار أضحَى الآنَ..
" عُوليسَ" 
 مَا زِلْنَ عَرائسَ هَذا البَحر الصَخّابِ 
يَغرزنَ الأنيابَ الفًاجرَةَ بِأقيانوسَ جَسدهِ 
يُعاقرْنَ فيهِ الشَّهواتِ 
مُدمَى يَسيلُ حُلُمُ العَودةِ مِنْ خَاصرتهِ 
زَمنٌ هَادرٌ يَعبرُ كُلَّ المَضائقِ 
"إيجَــــــــــةُ " يَزرَقُّ مَاؤُها اِنتظاراً 
وشمسٌ حمراءُ عَلى "إيثاكا" تَطلعُ 
ثَمّةُ فَجرٌ تَغــــــزلُهُ أصابعُ "بِنيلوب"،
 وتعيدُ الكَرّةَ تُلوَ الأُخرى خُيوطُ الذّكرى إلى مِغـــــزَلِها..
مَا زَالَ البَحرُ يَصعدُ أمواهَهُ 
وقواربُ "عُوليسَ" جَاثيةٌ تَئِنُّ 
تكتبُ سِيرةَ أسفَارٍ ضَائعةٍ 
وَلَوائح مَجدٍ كُسِــــــرِ رُخامُها 
وَتَاريخَ غِيابٍ تَطويهِ رِمالُ البَحرِ، وأشرعةُ الأزمنةِ...