إحصائيات

آراء 2020/07/20
...

زهير الجبوري 
 

في المرحلة الراهنة، مرحلة الكشف والتنقيب والبحث عن روح المواطنة (كما هو موجود في شعارات المتظاهرين)، وفي خطوات مباركة من قبل رئيس الوزراء الحالي، ثمّة ما يبعث الأمل للإنسان العراقي في هذه الظروف القاهرة في البلد، والتي هي جزءٌ من محنة عالمية كبيرة تتكرس في الجائحة التي نتمنى أنْ تزول، ومع تصاعد الأحداث بشأن قضايا الفساد في مؤسسات الدولة والكشف عن الجزء القليل منها، وصراحة الإعلام في الكشف عن الاسباب التي أدت الى تفاقم هذه الأمور، فإنَّ هناك شيئاً لافتاً للنظر يحتاج الى وقفة متأنية، بخاصة الى من يهمه الأمر أو حتى من عامة الناس الذين لديهم اهتمام ومتابعة في الشأن السياسي والاقتصادي في العراق، وهي ظاهرة الاحصائيات، كيف؟ وأين؟ ولماذا؟. في الاستفهام الأول تنطوي جميع العوامل على قراءة الأزمة أو الأزمات التي تعصف بالبلد في الجوانب كافة، حتى أنها وصلت الى حد العجز الكبير في ميزانية الدولة وصعوبة توفير (رواتب) الموظفين العراقيين، لتظهر بعض الإحصائيات المطلوب توفيرها من قبل الدولة، أما الاستفهام الثاني (أين؟) فإنَّ وسائل الاتصال (الميديا) جميعها تناقش ذلك، وأكثرها تأثيراً ما يبث في الفضائيات، ليخرج للناس بعض من أعضاء مجلس النواب، وبعض من الشخصيات التي تعمل في لجان معينة لتكشف بالدليل القاطع الهدر الكبير للمال العام وفوضى التخطيط، ويسند كل واحد منهم (رزمة اوراق) فيها احصائيات كثيرة، سواء كان في وزارة ما، أو مؤسسة حكومية ما، ولأنَّ الموضوع أصبح علناً من قبل (رجالات الدولة) فإن الشعب يصبح الجزء المكمل في مسألة مناقشة هذه الخروقات من قبل الاحصائيات المطروحة.. أما الاستفهام الثالث (لماذا ..؟) لأن المسألة في جوهرها تنطوي في مواجهة مباشرة او غير مباشرة مع ما حدث من نهضة كبيرة من قبل الشعب العراقي في احتجاجات من العام الماضي، فالكل يريد أن يبرهن بياض وجهه وصفاء سريرته، وهي منازلة من نوع خاص، إذ تعلن عن قراءة للتراكمات الكبيرة التي حصلت في العراق منذ العام 2003 وحتى الآن، ولم يكن صوت الشعب إلّا صرخة تاريخية لإعادة هيبة الوطن.
الإحصائيات التي عرفناها من مناطق لا يعرفها أغلب ابناء الشعب في تهريب النفط ومسألة الحدود وبيع المناصب، الآن هي في مرحلة لردم هُوتِها، واعادة توازنها مع اعادة تصفية بعض اوراق الأماكن المشكوك فيها وايضا الشخصيات التي تعمل فيها، والشيء المفرح ان للدور الذي يقوم به السيد رئيس الوزراء أثراً واضحاً، مهما كان بطيئاً غير انه يمضي بثقة كبيرة، اضف الى ذلك، فإن المشاريع الأخرى التي تستطيع ان ترفد البلد الكثير لميزانيته، ستكون ضمن قرارات التنفيذ وهذا ما يفرح، والاحصائيات (بخاصة الاموال المهدورة) حين تصبح حديث الناس فهذا يعني وجود خلل، وحين يعترف المسؤول عن ذلك، فإن الأمر يحتاج الى اعادة هيكلة (وهذا ما حصل)، ومن وجهة نظر خاصة، ولعلها تمنيات حين نقول بأن مناقشة واقع كل وزارة او مؤسسة لها جذر كبير في الدولة، أنْ تعقد مؤتمراً موسعاً لمناقشة جميع المفاصل المتعلقة بها واعلان ذلك عبر وسائل الاتصال مع تقرير ونتائج مدونة، وحين تكون هناك ضوابط ثابتة ومعمول بها من دون الرجوع الى جهات مساندة اخرى، فإن للقانون حضوراً مؤثراً جداً، وما نتمناه ايضا في عراق ما بعد المحنة أن تكون سيادة القانون سيادة أساسية وأولية، حينها تكون الاحصائيات جميعها في البناء والعمران وتوزيع الحقوق والواجبات بالتساوي.