حرب اللقاحات

آراء 2020/07/23
...

محمد شريف أبو ميسم 
حين أعلن الرئيس دونالد ترامب في الثالث من أيار الماضي، أن لقاحا ضد فيروس كورونا سيكون متاحا قبل نهاية العام الحالي، تساءل العالم عن إمكانية حصول البلدان الفقيرة على مثل هذا اللقاح، في ظل إعلام كان يتحدث عن عالم موحد ضد الجائحة، فجاء تصريح الرئيس الأميركي في 20 آيار "أن بلاده تدرس إمكانية توفير اللقاح مجانا"، ليجيب عن هذا التساؤل، ويخلق أجواء متفائلة بشأن صدقية الحدث وجدية المعالجة، وزاد في فكرة "أن الفيروس وحّد العالم" ما صرح به الرئيس التنفيذي لشركة "غريفيكس" الأميركية لوكالة سكاي نيوز "أن الشركة ستوزع اللقاح مجانا في بلدان أخرى، في حال تمت الموافقة عليه من قبل الحكومة الأميركية. وتواصلت الأخبار السارة بشأن وقوف العالم في خندق واحد ضد الجائحة، بعد أن طورت جامعة أكسفورد لقاحا آخر، لتعلن شركة الأدوية البريطانية "أسترا زينيكا" في الثامن من حزيران أنها مستعدة لانتاج ملياري جرعة من هذا اللقاح، وأنها ستغرق العالم به قبل آب، فور حصولها على الضوء الأخضر".
وهنا نضع مجموعة من الخطوط تحت الإشارة الى الضوء الأخضر، فيما أعلنت الصين في الثالث والعشرين منه عن نجاح التجارب السريرية الأولى والثانية لأول لقاح ضد الفيروس في معهد ووهان، ومؤخرا أعلنت روسيا عن نجاح التجارب السريرية للقاح مضاد لكورونا على متطوعين في جامعة "سيتشينوف". كل هذا، لم يدع مجالا للشك بروح الأنسنة العابرة للأعراق والقوميات، خصوصا وأن كل جهة من هذه الجهات كانت تقول إن اللقاح سيكون متاحا لكل سكان العالم، وهذا ما دعا إليه مدير منظمة الصحة العالمية في حزيران الماضي. بمعنى أن ما قيل بهذا الشأن يدور في دائرة التضامن، والتعاون، والمؤازرة لمواجهة هذه الجائحة التي ألقت بتداعياتها على العالم وعلى حركة الحياة والاقتصاد، وأدخلت المجتمعات والأفراد في حالة من اليأس والتخبط تحت تأثير وسائل الإعلام. إلا أن ما أثير مؤخرا من قبل وكالة الأمن الإلكترونية البريطانية، بشأن محاولة قرصنة أسرار منظمات بحثية بريطانية وأميركية وكندية، تعمل على إنتاج لقاح ضد هذا الفيروس، من قبل جهات تابعة لأجهزة المخابرات الروسية يؤكد بما لا يقبل الشك أننا وقعنا تحت تأثير التسويق الإعلامي في تصوراتنا، فمن الواضح أن ثمة سراً يتعدى مسألة البعد الإنساني - في البحث عن اللقاح أو حتى احتكاره بدوافع الربحية- لا بل يتعدى ما يتعلق بحقوق الملكية والعلامة التجارية المعمول بها عالميا، فقد سبق أن اتهمت المخابرات الأميركية في الأول من آيار الماضي جهات مخابراتية أجنبية بما في ذلك الحزب الشيوعي الصيني بمحاولات قرصنة أسرار العمل المتعلقة بأبحاث لقاح ضد الفيروس، فيما قالت مصادر أمنية بريطانية إنها لاحظت أنشطة مشابهة في هذا السياق. وعودا على ما أوردناه عن شركة "أسترا زينيكا" أنها ستغرق العالم باللقاح فور حصولها على الضوء الأخضر، مع الترويج لفكرة اللقاح المجاني في ظل كلف عالية، بات الشك يخالط العالم، بشأن صدقية المعالجة وتوظيفها باتجاه دوافع صناعة الجائحة، بعد أن بات الأمر واضحا مع تصاعد الحرب السيبرانية ذات الصلة بالبعد الستراتيجي لعلاقة هذا اللقاح بمستقبل الصراع بين الدول الكبرى، ومحاولات الهيمنة، وهنا تكون علاقة اللقاح بشبكة الجيل الخامس فائقة السرعة G5 هي الأقرب منطقيا لتفسير التسابق المحموم على أسرار لقاح يراد له أن يكون في جسد كل إنسان يقع في نطاق ترددات الهيمنة.