محمد سهيل أحمد
معظم شخصيات مجموعتي الأولى ذات أصول اجتماعية قوية وقريبة من تجربة الكاتب. وشخصية تومان (او جيجان) عازف الناي واحدة من الشخصيات المؤثرة في وعي شاب من ذلك الوقت / كانت اندفاعة الكاتب الرائد محمد خضير بدأت بالستينات من القرن الماضي ذات طابع متفرد، وبحكم المجايلة والمتابعة آثرت إجراء هذا الحوارالسريع عن واحدة من قصصه المتميزة التي لم تضمها أيٌّ من مجاميعه القصصية:
* نشرت نصك السردي (المهرج والاميرة السوداء) عام 1966 في ملحق جريدة الجمهورية الأسبوعي
الأدبي.
وعلى الرغم من تميز ذلك النص إلا أنه لم يدرج ضمن مجموعتك الرائدة (المملكة السوداء) ولا ضمن مجموعاتك اللاحقة. هل من تفسير؟
ــ قصة (المهرج والأميرة السوداء) واحدة من عدة قصص آثرت تأجيل نشرها بغية التعديل والإضافة. فاستجابت قصتان او ثلاث للتعديل بينما استعصت الأخريات ففاتها الزمن الذي أدخلني تجربة أخرى غير تلك الأولى.
* بعيدا عن ذلك كله، دعنا نغور في تضاعيف تلك القصة التي تحمل العديد من سماتك التي ميزت أسلوبك. إن القارئ يجد نفسه اثر الانتهاء من إحدى قراءات النص أمام شفرات ذات طابع سايكولوجي متمثلة في صلة عازف المزمار (جيجان)
بأمه.
ترى هل يتسع النص لأية تأويلات سايكولوجية حقا؟ وما مقتربات هذه التأويلات إن وجدت؟
ــ معظم شخصيات مجموعتي الأولى ذات أصول اجتماعية قوية وقريبة من تجربة الكاتب. وشخصية تومان (او جيجان) عازف الناي واحدة من الشخصيات المؤثرة في وعي شاب من ذلك الوقت.
أما علاقته المفترضة بأمه فهي علاقة تعويضية عن سلوك منحرف عرف بها ذلك
الشخص.
فهي إذن محاولة سيكولوجية يضاف إليها حبه للأميرة على الشاشة. أي إسقاط الخيال الرومانسي على واقع اجتماعي بائس كان يستلب عاطفته ويحرمه من حب طببعي.
* ضمن الخط العام للنص، من الواضح أن اختيارك لشخصية جيجان مؤسس على شخصية شعبية ألفتها البصرة أيام زمان؟ الى أي مدى تقترب الشخصيتان إحداهما من
الأخرى؟
ــ كما أشرت هناك نماذج بشرية لا يغفل القارئ الفطن اعتبارها أساسا لبناء شخصيات القصص. وفي ذلك الحين كان هذا الالتباس قويا، فأحيانا نُسمّي شخصيات القصص باسمائها الحقيقية تشديدا للصلات القوية بين القصص وواقعها الأصلي. وأذكر أنك نفسك استعملت اسم (ماري) في قصة لك، وهي شخصية حقيقية كانت تدير حانة في شارع الوطني الشهير. لكن خطورة مثل هذا التطابق بين الحقيقة والأنموذج تتضاءل كلما تهيأ لقراءة القصص قارئ بعيد، عربي أو
أجنبي.
* لو جئنا الى إشكاليتيّ السرد والحوار نجد الحوار، في بعض النماذج، يتقدم معرفيا، على المسار السردي فيكون بمثابة المرآة العاكسة لوجهات نظر الكاتب، وهي المفارقة، او بالأحرى الاختلال الذي يتضح حين تنتمي الشخصية او الشخصيات الى شرائح اجتماعية مبسطة لاتتقن فن التأمل المعرفي المعمق، والعكس
صحيح..
ــ نعم، الحوار في القصة عنصر مهم أحافظ على وجوده حدَّ
الإفراط. وقد حافظت على لغة الحوار الفصيحة بقدر من التحوير او الترجمة عن العامية لأنني أفكر في قارئ غير عراقي بالدرجة الأولى. ولا أظن مستوى الحوار يعلو كثيرا على ثقافة الشخصية ومنشئها الاجتماعي إلا ما ندر.
* لو افترضنا أنك أنجزت هذا النص في أيامنا هذه، ما المشاهد التي ستحذفها منه، وما الاضافات المتوقعة، إن وجدت؟
ــ لا أستطيع أن أحذف شيئا من قصص المرحلة الأولى.
لكني كما أجبت عن سؤالك الاول، فإني عدلت في (لغة) بعض القصص وأعددتها للنشر بحلة جديدة من دون الإخلال بأفكارها وثيماتها الأصلية.
استدراكان
* عدا نصه الفائز بالجائزة الأولى في مسابقة الملحق الادبي الأسبوعي لجريدة الجمهورية والموسوم (البطات البحرية)، فإن محمد خضير نشر نصوصا أخرى في الملحق هي (صفية) و(المئذنة) و(المهرج والأميرة السوداء) قبل انتقاله للنشر في مجلات أخرى كالكلمة والأقلام والآداب
اللبنانية.
** للكاتب محمد خضير ذاكرة خضراء وهو يذكرني بالشخصية المحورية في قصتي (فرح أسود) التي نشرت حينها في مجلة (الأديب المعاصر) ع3ـ 1973 وكانت تدعى (ماري) وهو الاسم الذي استخدمته في النص غير أنني كنت أقصد شخصية أخرى من شخصيات شارع الملاهي، علمت فيما بعد أن اسمها (ماتيلدا). ولذلك الخلط الطريف حكاية أخرى لا يتسع لها المجال.