أمجد ياسين
من أين نبدأ؟ سؤال كبير وواسع جدا إذا ما فكرنا بكل شيء في وقت واحد. البداية تكون من الأساسيات، سواء كخدمات اقتصادية او اجتماعية او سياسية.. فهذه الاساسيات اذا ما نجحنا بتثبيها وإنجازها بصورة صحيحة ستفتح لنا أبواب القضايا الأخرى وهكذا ستتراكم المنجزات لتتشكل ملامح دولة عصرية تقف بالتوازي مع نظيراتها الكبرى، وأقول الكبرى لأننا بلد قديم التكوين ولا يليق بنا أن نكون متخلفين عن العالم.
في التاسع عشر من هذا الشهر أطلقت دولة الامارات العربية المتحدة من قاعدة في اليابان مسبار (الأمل) للمريخ، بعد جهود 7 أعوام لبناء مركز فضائي بملاكات امارتية، قرابة 200 مهندس وتفني وفني اماراتي أسهموا بإنجاز فعلي بنسبة 66% من المشروع، شاءت الامارات أن تبدأ من القمة للحاق بركب من يدرس غلاف المريخ الذي تدور حوله الآن انجازات خمس دول كبرى، بعضها حطت على أرضه.
كيف نقرأ هذه الصورة؟ باختصار، نبدأ بتأميم مفاصل الاقتصاد العراقي من مافيات الفساد وكل من يقف خلفها، وقد بدأت الدولة بذلك ونأمل أن تستمر بقوة في هذا الطريق. لنبدأ باستقطاب ما وصل اليه العالم، ونؤسس على سبيل المثال لشركة هاتف نقال تستخدم تقنية 5G، ولا نفرح باستخدام تقنيات 4G التي يستخدمها العالم منذ سنوات في العام المقبل، كما وعدت إحدى الشركات العاملة بالعراق وهي مطلوبة وغيرها من شركات الهاتف النقال منذ سنوات مئات ملايين الدولارت للعراقيين ولم تقدم خدمة محترمة تليق بهم. لنكف عن الجدل، هل نجدد لها مع استحصال الديون التي بذمتها من عدمه، ولنطلب ان تسدد ديونها وتبدأ من الان على وضع سقف زمني قصير ومحدد للعمل على استحضار تقنيات الجيل الجديد او فسح المجال لانشاء شركة وطنية لهذا العمل ونحسم الامر.
يجب أن يعي المسؤول العراقي، أننا كدولة في آخر سُلم تقنيات العالم الحديثة، ولا وقت لدينا للترقيع او المجاملة او البحث عن الكومشن، علينا زج ملاكاتنا العراقية في سباق التقنيات الحديثة. يجب أن نستثمر الربط الكهربائي مع دول الجوار، ونبدأ من الآن لبناء القناة الجافة وجعل مساراتها تخضع للمصلحة العليا للعراق وعامل توازن سياسي واقتصادي عالميين عبر الانفتاح على اوروبا والعالم، وبالتاكيد سيُرى العراق بعيون وفكر مختلفين ويتعامل معه كقوة اقتصادية وعامل استقرار للمنطقة والعالم، بهذه الطريقة سنجعل تركيا تفكر ألف مرة اذا ما أرادت تقليل حصتنا المائية او اختراق حدودنا.. كذلك الحال مع السياحة التاريخية والدينية وغيرها الكثير.
والآن تعني الآن فعلاً، فالعالم والمنطقة في تحول كبير، وعصبه الاقتصاد، وعلى المسؤول العراقي أن يجعل من اقتصاده ركيزة مهمة وجزءا فعالا من اقتصاد العالم، بعد ان ضعف دور النفط كثيراً، هكذا يجب أن نفكر، ولا نترك الأمور للتساهيل كما يقولون.
ميناء الفاو الكبير هدف ستراتيجي ومفصلي للنهوض بالعراق، يجب أن نبدأ به الآن، لمواجهة تحديات مشاريع عملاقة مشابهة اقل كفاءة منه ولكنها تمتلك القرار السياسي لتنفيذها. العالم لا يمنح الأدوار او المناصب، يجب أن نرسم دورنا وطريقنا على خارطة العالم الجديد.