د. باسم الابراهيمي
تشير البيانات المتوفرة الى انخفاض مساهمة القطاع الزراعي الى حدود (2 %) من الناتج المحلي الاجمالي في العراق، ومن المؤكد ان هذه النسبة ارتفعت خلال هذا العام لسببين رئيسين، الاول هو غلق الحدود بسبب جائحة كورونا وبالتالي تحسن القدرة التنافسية للمنتج المحلي، والثاني هو تراجع الانتاج النفطي وبالتالي انعكاس ذلك على تحسن نسبة مساهمة الزراعة، الا ان المشكلة تكمن في ان نشر البيانات يتأخر عادة بعد نهاية كل سنة وكما هو معروف، وقد بينت هذه الازمة الجانب الايجابي للقدرة الذاتية للمنتج المحلي في القطاع الزراعي ومكامن قوته، فضلا عن اسباب الضعف التي تحتاج الى الدعم الحكومي لاستدامة نمو هذا القطاع.
إنَّ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في العراق تبلغ حوالي (28) مليون دونم، إلا أنَّ ما مستغل منها هو بحدود (52 %) فقط للاسف، وهذا بالتأكيد يؤثر في حجم الانتاج ومساهمة القطاع الزراعي بالنتيجة، الى جانب ذلك فان هذا القطاع يستوعب النسبة الاكبر من الايدي العاملة العراقية على الرغم من عوامل الطرد التي ظل يتسم بها الريف ومنذ عقود، الامر الذي انخفض معه حجم سكان الريف الى اقل من (30 %) من اجمالي السكان في حين ان الانتقال الذي حدث في تركيبة البنية الاجتماعية تاريخيا من الريف الى المدينة اثر سلبا في كلا الجانبين، وبالتالي فان حالة الفقر التي تجاوزت
(30 %) خلال هذ العام المتزامنة مع البطالة الكبيرة تعد من ابرز الاشكالات الاقتصادية والاجتماعية التي انتجتها الهجرة.
لقد بينت أزمة كورونا وما تبعها مما عرف بالاغلاق الكبير عددا من الدروس المهمة في اطار التعامل مع القطاع الزراعي وملف الامن الغذائي والمائي، وبالتالي نحن بحاجة الى وقفة جادة لمراجعة المعطيات التي تشكلت بعد الجائحة والاستفادة من الفرص التي خلقتها، لاسيما ما يدور بشأن رغبة بعض الدول في استيراد المنتج الزراعي العراقي وهي فرصة لخلق حصة سوقية لمنتجاتنا يمكن استثمارها بشكل اكبر مستقبلا مع استكمال متطلبات نجاح القطاع الزراعي من خلال معالجة مشكلاته في جوانب الملوحة والحصص المائية وزيادة غلة الانتاج ودعم متطلبات الاستقرار في الريف بما يعيد التوازن الى الواقع الاجتماعي والاقتصادي بين الريف والمدينة وخلق حالة يمكن ان نسميها نهضة الريف الاقتصادي.