أزمة الكهرباء المزمنة

آراء 2020/08/08
...

محمد صادق جراد 
 
الشمس في العراق التي يقول عنها السيّاب إنها أجمل من سواها تكشف عن أزمة في كل عام في أشهر تموز وآب، إذ تعكس مشكلة الكهرباء عن فشل الحكومات التي توالت على حكم العراق منذ عقود طويلة في حل هذه الأزمة المزمنة التي تم تخصيص أموال طائلة لها في الموازنات من كل 
عام. 
إن قطاع الكهرباء قطاع مهم جدا وهو من الركائز الأساسية المهمة في تنمية العديد من القطاعات الأخرى كالصناعة والزراعة، فالكهرباء أحد مقاييس تقدم ورفاهية الشعوب. وان أزمة الكهرباء الوطنية في العراق تلامس كل مواطن عراقي ويعاني منها جميع أفراد الشعب بجميع طبقاته، ففضلا عن تعلقها بأرزاق ومصالح أصحاب المعامل والورش التي تعتمد بصورة رئيسية على الكهرباء، وفضلا عن دور الكهرباء في الزراعة من خلال تشغيل المحركات لسحب المياه والسقي ومتطلبات أخرى. ومن هنا تكتسب أهميتها وضرورة ايجاد الحلول لها من قبل الحكومة ووزارة الكهرباء، إلا أن ما حدث على مدى سنوات طويلة يثبت بأن الحكومة وبالرغم مما حققته من تقدم بسيط إلا أن هذه الأزمة أصبحت عقدة كبيرة يُعاني منها المواطن العراقي الذي عبر عن استيائه عبر العديد من التظاهرات وفي مختلف 
المحافظات.
إن أهم أسباب الفشل في هذا الملف، وكما يعرف الجميع، هو الفساد وغياب التخطيط الستراتيجي الصحيح والاعتماد على حلول ترقيعية كالاستيراد من دول أخرى، وارتباط هذا الملف بمصالح شخصية، فضلا عن استخدام شركات غير رصينة للعمل في هذا الملف، إذ يرى البعض أن المشكلة تكمن في هوية الشركات التي فشلت في إدارة ملف الكهرباء منذ سنوات فهي شركات غير مؤهلة لمثل هذا الملف الضخم والمهم، ويبدو ان المحاصصة في المناصب كان لها أثر كبير في إرساء العطاءات والمناقصات باتجاه تكليف شركات غير مؤهلة لهكذا مشاريع ضخمة ولا تمتلك من المؤهلات سوى أنها ترتبط بجهات سياسية. والدليل على فشل تلك الشركات هو ما وصلنا إليه اليوم من تردٍّ كبيرٍ في هذا الجانب، بل نحن بحاجة الى حلول جذرية تبدأ بتكليف شركات عالمية رصينة من خلال الاستثمار لتقوم بحل المشكلة التي يُعاني منها جميع أبناء الشعب العراقي.
إذن مشكلة الكهرباء في بلد مثل العراق بحاجة الى الحلول نفسها وهي إبعادها عن الفساد والمحاصصة وضرورة محاسبة المسؤولين عن فشل هذا الملف لسنوات طويلة بالرغم من كثرة الأموال التي صرفت خلال السنوات الماضية. 
في الختام نريد أن نقول بأن هناك دول عربية كمصر على سبيل المثال عملت على معالجة أزمة الكهرباء ونجحت في ذلك خلال فترة وجيزة عبر استخدام الشركات الاستثمارية العالمية الرصينة بينما فشلنا في معالجتها في العراق عبر سنوات وعقود طويلة لعدم توفر الإرادة الحقيقية لحل هذه الازمة.