بغداد/ كاظم لازم
كانت الصدفة ثقيلة يومها على رئيس وزراء العراق في خمسينيات القرن الماضي نوري سعيد باشا، عندما التقى عزيز علي في دار الاذاعة وهو يهم بتسجيل احد منولوجاته الساخرة، التي تنتقد وتسخر من الحكومة وافعالها ليقول له " ليش تشتمنه " ؟ لم تكن هذه الحادثة اول محطة في حياة رائد المنولوجست عزيز علي (1911-1998 ) انما سبقتها احداث بدات منذ العالم 1937 وصولاً الى العام 1941 ومشاركته في ثورة مايس ،اذ اعتقل لمدة عامين بسببها.
كان عزيز علي شاعراً وملحناً ومطرباً كتب خلال رحلته مع المنولوج الذي كان مؤسسه الاول في العراق، العديد من الاعمال التي حفرت في ذاكرة التاريخ السياسي العراقي منذ نهاية الاربعينيات وصولاً الى مطلع السبعينيات ليسلط الضوء على الافعال والقرارات التي اصدرتها الحكومة آنذاك، والتي همشت الفقراء، لتدافع كلمات منولوجاته عنهم بطريقة ساخرة انتقادية.
بدأ مشواره خلال مهنة التمثيل ليشارك رائد المقام العراقي محمد القبانجي في العديد من الادوار المسرحية، بعد أن انضم الى فرقة التمثيل الوطنية التي كان قد اسسها حقي الشبلي العام 1927ليشاركا في مسرحيات "وحيدة " ومسرحية "صلاح الدين الايوبي" ومسرحية "جزاء الشهامة".
عزيز علي لم يغن طوال حياته في اي ملهى او حفلة ولم يتقاض ديناراً واحداً، الامر الذي دفع وزارة الثقافة في سبعينيات القرن الماضي الى أن تستعين به لتأسيس مدرسة الموسيقى والباليه، واذ جلب اليها العديد من الموسيقيين الروس، وكان لهذه المدرسة الفضل بتخرج العديد من الطاقات الموسيقية والفنية.
قراءة مستقبليَّة
تميزت منولوجات عزيز علي والتي كتبها خلال مشواره الفني على مدى اكثر من ثلاثين عاما، بقدرتها على التواصل مع الاجيال وكانت بحق عابرة للازمان، لانها كانت تحمل شفرات وقراءة لما حدث وسيحدث في السنوات اللاحقة، رغم المتغيرات التي مر بها العراق منذ نهاية الاربعينيات والى اليوم، يشعر من يستمع اليها، بانها قد كتبت الاسبوع الماضي، لما تحمله من دلالات واشارات تسلط الضوء على الفساد والمحسوبية التي تسود المجتمع، ومازال المهتمون بالشأن الموسيقي يرددون منولوجاته التي تتجدد كل يوم وامام اي ازمة سياسية واجتماعية والتي ابرزها: "دكتور"، "الملاليح"، "منه منه"، "البستان"، "الراديو"، "صلي على النبي"، "الركعة صغيرة والشك جبير والابرة ما تحفر بير".. وغيرها.