مشاورات سياسية وضغط دولي لتشكيل حكومة إنقاذ لبنانية
الرياضة
2020/08/13
+A
-A
بيروت / جبار عودة الخطاط
ما إن أعلنَ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب استقالة حكومته؛ حتى بدأت في لبنان الذي دخل نفق الفراغ الحكومي مشاورات الفرقاء السياسيين عن الاسم المطروح لشغل كرسي الرئاسة في السراي الحكومي، وبالرغم من أن المسؤولين اللبنانيين لم يعد بإمكانهم اللعب أكثر على عامل الوقت بفعل الضغوطات الدولية التي تدفع باتجاه الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية، فضلاً عن غليان الشارع اللبناني الذي ضاق ذرعاً بالرمال المتحركة الحكومية والتي أنعكست سلباً على حياته، فإن المشهد اللبناني ما زال يضج بالكثير من التعقيد.
الحريري ونوّاف
تتداول الأوساط السياسية والإعلامية في بيروت بأن كلا من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري والسفير نواف سلام هما الأكثر أرجحية في شغل منصب رئيس الحكومة القادم، بينما تقول مصادر مطلعة بأن ثمة توافقا «فرنسيا أميركيا سعوديا» على اسم نواف سلام وهو أكاديمي وقانوني ودبلوماسي لبناني يشغل حالياً منصب قاضٍ في محكمة العدل الدولية في لاهاي، بعد أن شغل منصب سفير ومندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة في نيويورك بين تموز 2007 وكانون الأول 2017، علماً بأنه سبق أن تم طرح اسمه في أعقاب استقالة حكومة سعد الحريري غير ان ذلك جوبه برفض حزب الله فسقط خيار تكليفه في حينها.
وما وصلت الى «الصباح» من معلومات تفيد بأن حزب الله لا يمانع من عودة سعد الحريري للواجهة الحكومية وهو - أي الحزب- يتحفظ على طرح الأسماء المستفزة كاسم السفير السابق نواف سلام أو النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري، لأن ذلك من شأنه إضاعة المزيد من الوقت في مرحلة فيها لبنان لا يملك ترف الزمن وتبديده.
تضميد جراح
«الصباح» توجهت بالسؤال الى مصدر في تيار المستقبل عن رأيهم لما يتم تداوله عن عودة الحريري لرئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة، وهل تمت مفاتحته بهذا الشأن من قوى سياسية لبنانية، فأجاب المصدر بأن «الرئيس الحريري غير معني حالياً بما يتم تداوله في الأوساط الإعلامية وهو يركز كل جهوده على كيفية العبور بلبنان الى مرحلة أفضل وتضميد جراح بيروت، وحينما يجد أن المرحلة تتطلب وجوده على رأس الحكومة اللبنانية فسيكون لكل حادث حديث».
هذا ونقلت مصادر إعلامية أمس الأربعاء، أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تواصل مع الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وكل من سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، وأبلغهم إصراره على وقف الاستقالات من مجلس النواب، مؤكداً أن «الأولوية لتشكيل حكومة وليس إجراء انتخابات نيابية مبكرة»، وشدد على «ضرورة مشاركة الجميع فيها وإقناع الحريري بهذه المهمة».
حكومة إنقاذ
رأى مصدر نيابي ان «الوقت ليس في صالح لبنان أبداً، وأن لا مبرر للتأخير في إجراء الاستشارات المُلزمة، فالوضع اللبناني بالغ الحساسية والشعب يفور والمجتمع الدولي لن ينتظر، وأن ما حصل من مشاورات قبل تكليف الرئيس حسان دياب بتشكيل الحكومة لا يمكن أن يتكرر لأن عامل الوقت لا يسمح بتكرار هذا الأمر». هذا وعلمت «الصباح» بأن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى ديفيد هيل سيصل الى بيروت بعد ظهيرة اليوم الخميس، في زيارة رسمية تستغرق 48 ساعة وهي تأتي في إطار الجهود الدولية الحثيثة تجاه الوضع اللبناني المتأزم. هيل، كما تفيد المعلومات سيستهل مشاوراته المهمة في قصر بعبدا مع الرئيس اللبناني ميشال عون صباح غد الجمعة، ثم تكون له جولة مباحثات مكثفة مع كل من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، ثم يقصد بيت الوسط للقاء بسعد الحريري كما سيلتقي بمجموعة من الشخصيات السياسية اللبنانية الفاعلة، وأفادت المعلومات بوجود شبه اتفاق بين الجانبين الأميركي والفرنسي حيال لبنان. الى ذلك، أشار الوزير السابق وئام وهاب الى «وجود ضغط دولي لحكومة إنقاذ اقتصادي، ومن لا يسهل تنتظره عقوبات أميركية - أوروبية وتجميد حسابات».
معلومات مثيرة
وفي جديد المعلومات المتعلقة بفاجعة مرفأ بيروت، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريرا مثيراً تؤكد فيه أن شخصاً أميركياً اكتشف شحنة الموت قبل أربعة أعوام، والتفاصيل ببرقية السفارة بعوكر، وكشفت الصحيفة الأميركية عن «خيوط جديدة» عن مجزرة مرفأ بيروت، استناداً إلى برقية دبلوماسية أميركية صدرت يوم الجمعة، أي بعد 3 أيام من الانفجار الدموي، وأكّدت الصحيفة في تقريرها أنّ متعاقداً أميركياً يعمل مع الجيش الأميركي حذّر قبل 4 أعوام تقريباً من أنّ مرفأ العاصمة يحتوي على مخبأ كبير للمواد القابلة للانفجار المخزنة بظروف غير آمنة.
وأوضحت الصحفية، أنّ خبيراً أميركياً في أمن المرافئ رصد وجود المواد الكيميائية خلال عملية تفقّد أمنية في مرفأ بيروت، ناقلةً عن مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين عملوا في الشرق الأوسط قولهم إنّه يُتوقع أن يكون المتعاقد قد بلّغ السفارة الأميركية أو البنتاغون بالنتائج.
نفي الخارجية
من جهته، نفى مسؤول كبير في الخارجية الأميركية أن يكون المسؤولون الأميركيون على علم بوجود المواد المتفجرة في المرفأ، إذ قال إن «البرقية تشير إلى أنّهم لم يبلّغوا بذلك»، وقال المسؤول للصحيفة إنّ المتعاقد «زار المرفأ بشكل غير رسمي قبل 4 سنوات تقريباً»، مشيراً إلى أنّه لم يكن يعمل آنذاك مع الحكومة الأميركية ولا مع وزارة الدفاع الأميركية، وتابع المسؤول قائلاً إنّ «سجلات الخارجية الأميركية تشير إلى أنّ المتعاقد قام بإبلاغ المعنيين بما اكتشفه الأسبوع الفائت، أي بعد وقوع الانفجار».
وبينما ذكرت الصحيفة، أنّ الانفجار أدى إلى وفاة زوجة السفير الهولندي وموظف في السفارة الألمانية وألحق أضراراً كبيرة بمساكن مجموعة من السفراء الأوروبيين، كشفت عن أنّ عدداً من الدبلوماسيين الغربيين اعتبر إحجام واشنطن عن تحذيرهم من المواد المتفجرة «مسألة صادمة ومثيرة للغضب»، إذا ما كانت تعلم بوجودها فعلاً.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي تعرّضت شقته لأضرار قوله: «إذا تأكّد الخبر، فستكون هذه المسألة صادمة جداً، وهذا أقل ما يُقال»، إشارة إلى أنّ واشنطن تفرض على دبلوماسييها الإقامة في مجمّع السفارة الأميركية الكائن في عوكر على بعد 13 كيلومتراً تقريباً من بيروت، ناهيك عن أنّها تطلب منهم اتباع تدابير أمنية صارمة عند مغادرتهم الحرم المذكور.
البرقية الحساسة
في السياق نفسه، لفتت الصحيفة إلى أنّ السفارة الأميركية في لبنان أصدرت البرقية الدبلوماسية الأميركية يوم الجمعة الفائت، ووسمت محتواها بـ»حساس» وليس «غير سري»، مشيرةً إلى أنّ البرقية تضم قائمة بأسماء المسؤولين اللبنانيين الذين علموا بأمر شحنة نيترات الأمونيوم، وبيّنت الصحيفة أنّ البرقية توضح أنّ المستشار الأمني الأميركي الذي تعاقد معه الجيش الأميركي رصد المواد الكيميائية خلال عملية تفقد أمنية.
ونقلت الصحيفة عن البرقية قولها إنّ المتعاقد الأميركي أبلغ مسؤولي مرفأ بيروت عن عملية التخزين غير الآمنة لمادة نيترات الأمونيوم، إذ عمل مستشاراً للبحرية اللبنانية بين العاميْن 2013 و2016.