ثقة الشعب

آراء 2020/08/16
...

سعدي السبع 
 
يؤشر عامل ثقة الفرد بالحكومات معياراً مهماً لتحديد العلاقة بينهما ومدى توفر القبول بها ومدى المصداقية في قراراتها وبرامجها وشعاراتها والتي بخلاف تحققها تكون الفجوة قد حدثت والثقة قد انهارت، ما يتسسب في اندلاع مشكلات وأزمات الى الحد الذي يجعل المواطن لم يعد يثق بكل المشاريع وطروحات الوهم الحكومية، خصوصاً إذا كان يعيش واقعاً حياتياً وخدمياً واجتماعياً متردياً، الأمر الذي يجعله يخرج الى الشارع رافضاً ومتحدياً بعد فقدان الأمل بالتغيير.
ومن مسببات انعدام الثقة تلك هو استشراء الفساد في مفاصل الدولة وسلوك الموظفين الحكوميين وفقدان السياسيين والمتنفذين حضورهم الجماهيري وتراجع وفشل السياسات العامة والأداء الحكومي في الاستجابة لمطالب الناس واحتياجاتهم ومصالحهم، فضلاً عن الإخفاق في الحفاظ على تماسك مكونات المجتمع وقوة وهيبة البلد الذي يصبح نظامه السياسي عرضة للمتغيرات السياسية جراء عزلته الشعبية وتخلف منظوماته ومؤسساته المختلفة.
ومن الغريب أنْ تتداول مفردة الثقة بين السياسيين واختيار الحكومات ما بين حجبها ونيلها، في وقت تكون تلك المفردة مفقودة بين صفوف الناس بعد اليأس من توفرها عند طبقات من الحكام حيث القطيعة بينهم وبين عامة المحكومين، ومن المفارقة أنْ تمنح الثقة لحكومةٍ ما في حين إنَّ شعبها يرفضها ولا يجد فيها أملاً بالاستجابة لتطلعاته بعد أنْ خبر حدود وتوجهات الكثير من أعضائها من خلال تجارب مسؤوليات ومواقع سابقة خصوصاً الذين جاؤوا عن طريق التيارات والأحزاب والعلاقات الشخصية، إذ إنَّ الاختيار عادة ما يكون هنا وفق اعتبارات ليست على أساس الكفاءة والمهنية والاختصاص أولاً، ما يعرضهم للإخفاق والفشل السريع في إدارة مناصب أكبر من حجومهم ومؤهلاتهم تاركين ملفات فساد وشبهات تلحق بهم بعد مغادرتهم المنصب.
وتؤدي أزمة الثقة الى تولد انعكاسات نفسية سلبية وخطيرة على المجتمع حين يبلغ مداها الشعور الجمعي بتجاوزها الموقف الفردي وتراجع منسوب الدعم والتأييد الشعبي ازاء الأداء الحكومي وما تحتمه المسؤولية الأخلاقية والالتزام المبدئي أمام المواطنين، ذلك الى جانب الإحساس بالخذلان والخيبة واللا جدوى بالطبقة الحاكمة ومعالجاتها الاقتصادية والاجتماعية وبإمكانية اتباع سياسات آنية ومستقبلية ناجحة ومؤثرة تضمن حقوق الجميع وتشيع الاستقرار والنمو والتطور في البلد.