العراق والفاعليَّة السياسيَّة

آراء 2020/08/17
...

أ.د. عامر حسن فياض
كيف يصبح العراق مؤثرا في الفاعلية السياسية ضمن محيطه الاقليمي والدولي؟
ضمن جديلة الداخل والخارج، او اطروحة الجواني والبراني التي صاغها (رفاعة الطهطاوي) لايمكن ان نتلمس سياسة خارجية رشيدة لاي بلد من بلدان الارض من دون ان يكون رحمه معافى، وهذا التعافي سيتوافر عندما يصبح العراق دولة وليس كيانا سياسيا في محيطه الداخلي اولا وفي محيطه الاقليمي والدولي ثانياً.
بمعنى ادق ان السياسة الخارجية الرشيدة تولد من رحم نظام حكم يقوم على ما يأتي:
- الشرعية المتولدة عن رضا وقبول المحكومين عن الحكام، وهذا الرضا والقبول يرتكزان الى ركنين هما ركن الانتخابات المتواصلة وركن المنجز المستدام.
- نظام حكم قادر على سد العوز التشريعي ومعالجة العوق المؤسساتي ومغادرة العجز في الاداء الخدمي الحكومي ومكافحة العبث بالأمن والمال العام.
- دسترة الحقوق لضمانها ، وقوننة الحقوق لتنظيمها، ومأسسة الحقوق لتمكن وتمكين العباد على ممارستها.
- العمل على تحويل افراد البلاد من رعايا او اتباع الى مواطنين، وتحويل جماعات البلاد من مؤسسات اهلية تقليدية الى مؤسسات مجتمع مدني، وتحويل سلطة البلاد من سلطة كيان او كيانات الى سلطة دولة المواطنة المدنية العصرية.
- تخلي نظام الحكم عن شخصنة المؤسسات وتنصيب الاشخاص وصولا الى مأسسة المناصب وتنصيب المؤسسات.
- تحول مجلس النواب من مسرح ضجيج وتسويف للوقت الى منتج تشريعات ومراقب وزارات.
- تخلص النخب السياسية في البلاد من وهم (خطر الدستور) للوصول الى حقيقة (ان الدستور في خطر)، ومن مرض (العناد) السياسي الى خصلة (التنافس) السياسي، في ما بينهم، وضرورة تخلصهم من نشر الغبار، وشكواهم من عدم الرؤية (التي قالها نابليون بونابرت عن السياسيين) الى نشر ما ينفع البلاد والعباد، وضرورة تخلصهم من عادة الاستقواء بالاجنبي السيئة الى سياسة الاستقواء ببعضهم البعض الحميدة.
- توحد الخطاب السياسي الخارجي العراقي، ومواصلة الاكتفاء بناطق رسمي واحد للسياسة الخارجية العراقية، ولتعمل وزراة الخارجية ولجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب معاً وفق معادلة (كسب الاصدقاء وتحييد الخصوم والاعداء) من اجل العراق أولا، على ان يعود الآخرون (وزراء ونواب ومحافظون وغيرهم من المسؤولين) للانشغال بأعمالهم، والتفرغ لتأدية مهماتهم وواجباتهم المنصوص عليها في الدستور والقوانين والانظمة 
والتعليمات.
عندها ستكون السياسة الخارجية محسوبة لدولة اسمها العراق لا لكيان سياسي أو كيانات متنفذة في العراق. وعندها ايضا سيتحول عملاق البيئة الدولية والاقليمية المتحكمة في توجيهات السياسة الداخلية والخارجية العراقية الى قزم. والاهم من كل ذلك سوف نسميها حقاً سياسة خارجية وداخلية رشيدة لنظام ديمقراطي فيدرالي ننشده للعراق المشارك الحقيقي في الفاعلية السياسية.