حاورتها/ هناء العبودي
سمية البغدادي فنانة تشكيليَّة اختصاص خزف، كانت بداياتها في حب الفن منذ صغر سنها أيام المدرسة الابتدائية من خلال مشاركاتها في معارض المدرسة في الرسم، إذ كانت مولعة بالرسم ونمت لديها هذه الموهبة داخلها إلى أنْ دخلت معهد الفنون على أساس تعلم الرسم، وأثناء دراستها تعرفت على فن الفخار والخزف.. أحبته كثيراً ووجدته قريباً إلى نفسها، كانت تدريسيَّة في معهد الفنون الجميلة للبنات ومحاضرة في كلية الفنون، والآن مشرفة تربوية اختصاص تربية فنية.
ساعدها سكنها في قضاء أبي الخصيب حيث الطين والنخيل والأجواء المنعشة على التعلق كثيراً بهذا الفن الراقي واستمرت رحلتها بعالم الخزف إلى يومنا هذا.
- أفتتح كلامي بقوله تعالى: “ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين”.
فأقول إنَّ مسيرتي الفنية وتعلقي بالطين، لا أعلم هل هو قطعة مني أم أنا قطعة منه، حتى أصبحت أعشقه وكأنه غريم لي فأصبحت أشكو له همي كلما تعرضت لمشكلة، إذ أقوم بعزل نفسي معه لأفرغ جل أسراري إليه حتى أجد نفسي قد صنعت فخارية جميلة، إذ أمسى الطين علاجاً لبعض همومي وجروحي من تراكمات الحياة، أضع في بالي دائماً أنه صديقي الوحيد أو العلاج الوحيد لبعض (أمراضي)، حتى أنَّ بعضهم كان يقول لي اتركي هذا المجال فهو متعب أي (صناعة الفخار) لأنهم لا يعلمون بأنني مدمنة عليه وأجد فيه راحتي النفسية وبدأت أشعر مع مرور الأيام بأنَّ هذا الطين هو أقرب أصدقائي.
* لقب البغدادي
- لقب البغدادي مجرد لقب، فأنا بصرية أباً عن جد، البصرة مدينة الشعراء والأدباء والمفكرين أعشقها وأعشق نخيلها وبساتينها وشط العرب والبلم العشاري وكل ما هو جميل وعملت لها الكثير من الأعمال كالجداريات، جسدت الشناشيل وجمالها وكذلك النخيل على شكل النافورة التي تمثل العطاء لأنَّ البصرة هي العطاء لكل العراق، مدينتي حبيبتي سأبقى اخدمها بفني وعملي.
* خزافات عراقيات
- عبلة العزاوي رائدة الخزف العراقي هي أول خزافة تخرجت في معهد الفنون الجميلة وأطلق عليها وريثة آلاف السنين من تاريخ العراق ماتت وحيدة بسبب الإهمال وعانت من الوحدة التي اختارتها لنفسها.. جسدت العراق وتاريخه بأعمالها ولم تتأثر بالتجارب العالميَّة، فنانة أصيلة محبة لفنها حيث أخذ الطابع السومري أكثر أعمالها، رحلت وتركت أثراً كبيراً في صرح الفن التشكيلي العراقي...
الفنانة رجاء بهاء الدين صديقتي وأختي الغالية، فنانة مبدعة لها أسلوبها الخاص بالعمل، قدوة لكثير من الخزافين الشباب، أتمنى لها كل الخير والنجاح.
* معاصرة وتكنولوجيا
- فن الفخار له تاريخ قديم جداً منذ الحضارات الأولى في وادي الرافدين وله استخدامات كثيرة ودخل في كل أمور الحياة وهو فن عريق وقوي بحيث نرى الأدوات موجودة ليومنا هذا في المتاحف، أما التراث فبلدنا الحبيب مرَّ بمراحل كثيرة وأخذ التراث يتجدد فترة بعد أخرى وهنا أصبح الخزاف المعاصر يتماشى مع هذه المراحل، نجد العمل تراثياً لكنه بنكهة المعاصر، الخزاف المعاصر لا يكتفي باستنساخ التراث على الرغم من قيمته التراثية، لأننا دائماً في تطور، إذ أخذت التكنولوجيا حيزاً كبيراً في هذا الوقت وأثرت في الفنان من خلال الاطلاعات والتواصل والبحوث والدراسات والتجارب الكثيرة التي أصبحت من السهل العثور عليها فهذا له تأثير كبير في أغلب الفنانين التشكيليين وأعمالهم التي اتسمت بالحداثة لمواكبة العصر والتطور الموجود حالياً.
* دورات تعليميَّة
- أقمت الكثير من الدورات التدريبية لتعليم فن الفخار والخزف لجميع الأعمار صغاراً وشباباً وحتى من النساء كمهندسات وطبيبات وطلاب كلية وطلاب ماجستير.. كانت الدورات للكبار أقيمها في مشغلي الخاص بي الموجود في بيتي وبالنسبة لورش الأطفال اخترت مكاناً جميلاً وتراثياً وهو قصر الثقافة والفنون في البصرة الذي هو عبارة عن بيت الشناشيل لأهل البصرة القدماء، وذلك من أجل أنْ يتعرف الأطفال على هذه الأماكن الجميلة وكيف كان يعيش أهل المدينة في مثل هذه البيوت التراثية وما يوجد داخلها من ساحة كبيرة تسمى (الحوش)، حيث تكون الغرف متوزعة حول الحوش فكان المكان جميلاً لمثل هذه الدورات التي تعلم التراث في مكان
التراث.
أقمت عدة دورات هناك وذلك من أجل تعريف المتدربين بهذا الفن وكذلك اكتشاف المواهب وصقلها وتنميتها من أجل مستقبل أفضل.