مشكلة العنوسة

الصفحة الاخيرة 2020/08/19
...

حسن العاني 
 
تشير إحصائيات التعداد العام للسكان في العراق بصورة عامة، الى زيادة نسبة الاناث على الذكور بفارق ضئيل، ولكن المشكلة الحقيقية بدأت مع عام 1980 حيث الحرب العراقية – الإيرانية وما أعقبها من حروب لاحقة ومعارك متواصلة، خارجية وداخلية لم تتوقف بصورة نهائية حتى يومنا المبارك هذا، وكان من أخطر نتائجها ذلك الانفجار الحاد في عدد الاناث، وهو انفجار لا تمثله الولادات الطبيعية، بل يكمن في نسبة الارامل الصاعدة بعد أنْ ابتلعت شهية السلاطين وتجار السياسة مئات الآلاف من الرجال..
إحدى المنظمات المعنية بحقوق المرأة ذكرت أنَّ هناك قرابة مليوني سيدة يعشن حالة الترمل نصفهن في عمر الشباب.. غير أنَّ سلسلة الحروب المتواصلة أنجبت ظاهرة اجتماعية أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها، وهي تنامي أعداد العوانس بصورة لافتة للنظر، حيث يصل الرقم الى ثلاثة ملايين في اقل التقديرات، وسبب ذلك هو عزوف الشباب عن الزواج بحكم الظروف الصعبة التي أحاطت بالعراق بحثاً عن فرصة عمل، وهرباً من الملاحقات السياسية او الخدمة العسكرية.. هذا غير مشكلات السكن والمهور العالية.. الخ.
مواجهة العنوسة ليست أمراً هيناً.. ولا تأتي بضربة عصا أو إقامة حفلات زفاف جماعية مجاناً على حساب الدولة، والحل الذي يرد على بال الجميع هو تعاون وزارات الدولة الى جانب المؤسسات الإعلامية والمنابر الدينية ومنظمات المجتمع المدني.. ومع ذلك فإنَّ مثل هذا الحل يحتاج في الحد الأدنى الى ثلاثين سنة حتى يتوفر السكن والأمن والعمل وتتوفر القناعات الجديدة ولكن المشكلة أنَّ عدد العوانس بعد ثلاثة عقود سيصل الى سبعة ملايين.. ومن هنا لا يجدي مثل هذا الحل!
انطلاقاً من مسؤوليتي الثقافية والإعلامية، وقبل ذلك من (مواطنتي الصالحة)، تأملت (الوضع) ودرسته جيداً وفكرت وبحثت، ثم وقفت على تجربة مماثلة للعنوسة العراقية مرت بها إحدى البلدان العربية في ظروف مشابهة لظروفنا، حيث قامت الحكومة بتشكيل لجنة على مستوى عالٍ ضمت علماء نفس وعلماء اجتماع وممثلين عن المنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني زيادة على ممثلين عنها، وبعد سلسلة من الاجتماعات المتواصلة والحوارات الجادة رفعوا الى السلطة دراسة مسهبة يمكن تلخيصها بخمس نقاط هي [دعوة الحكومة الى إصدار قانون ملزم يقضي بما يأتي : 1- كل من يتقدم الى التعيين عليه أنْ يرفق عقد الزواج مع المستمسكات المطلوبة. 2- أي موظف بدرجة مدير أو مدير عام يجب أنْ تكون في ذمته زوجتان . 3- إلزام أعضاء البرلمان ووكلاء الوزارات والسفراء والمحافظين أنْ تكون في عهدتهم ثلاث زوجات . 4- إلزام رؤساء الجمهورية والوزارة والبرلمان والوزراء ورؤساء الأحزاب وأصحاب الدرجات الخاصة بأربع زوجات.. وبخلاف ذلك يتم إعفاؤهم أو إحالتهم على التقاعد.. ويسري ذلك على العناوين الوظيفية الأربعة.. أما النقطة الخامسة فكانت على النحو التالي في حالة اعتذار كبار السن عن التنفيذ، عليهم التخلي طوعياً عن مناصبهم وعدم إحراج الحكومة، وإفساح المجال أمام الشباب التكنوقراط ليمارسوا دورهم الإيجابي الفعال] وكانت النتيجة هي زواج (6.5) مليون أرملة وعانس في سنتين فقط!!