المثقفون يعودون بلهفة إلى المتنبي

الصفحة الاخيرة 2020/08/22
...

بغداد / محمد اسماعيل
صباح أول جمعة، بعد خمسة أشهر من الحظر الصحي، توجهت الى شارع المتنبي؛ أتجول بين المثقفين وهم يستأنفون تقليدهم الاسبوعي الموار بلقاءات الادباء والفنانين والاكاديميين والاعلاميين وفئات تتواجد بحكم مشاعية الثقافة غير المقتصرة على فئة بحد ذاتها.
أول من صادفني راجعاً وأنا أذهب المعد التلفزيوني جاسم الصغير والقاص كريم الأسدي، وقد وجدا الحضور أقل من المتوقع.
قال جاسم الصغير: "كنت أتوقع عودة ملهوفة بأعداد أكثر رغبة وأكبر عدداً" مؤكداً: "الحضور دون المستوى".
وأضاف: "اشتقت لعودة أجواء شارع المتنبي، الطبيعية، بعد المكوث القسري الذي ألزمتنا به جائحة "كورونا" مدمرة أعصابنا قلقاً على صحة الجميع، ذواتنا واسرنا ومعارفنا والناس" داعياً الى "تنظيم الباعة الجوالين وبسطات الكتب وفق منظور جمالي، وعدم تركهم مبعثرين يضيقون الحركة أثناء الزحام".
وتابع القاص الأسدي "إطلاق سراح أي سجين يعد بهجة؛ لأنه يوقظ انتماءه لثوابت حياته السابقة، وجمعة المتنبي واحدة من تقاليد حياتنا قبل الحظر الذي استلزمته الوقاية من كورونا"، مشيراً الى أنه "مزق نفسياتنا، لن نتخلص من تبعات العزلة بسهولة، أما الإجراءات المتخذة فقاصرة واستجابة الناس غير متفهمة لحجم الجائحة".
واصلت السير نافذاً في المتنبي، لأقف أمام الشاعر حسين علي يونس، متسائلاً عن خشيته من انتفاء هذا التقليد الثقافي بعد أن تعطل خمسة أشهر؟ فأجاب "كلا لم أخشَ انتفاءه؛ لأنني واثق من عودته، حال رفع الحظر، وهذا ما حصل، لكن "كعدة" البيت لا تطاق؛ فاشتقت للشارع، لذكريات طفولتنا الثقافية وصبانا وصداقاتنا، جئت ملهوفاً للناس" مبيناً: "أتمنى أن يظل طوال المستقبل، كما هو الآن؛ لأنه إرث خالد يجب الا يجرى أي تغيير على معالمه التي نحبها مثلما هي".
فضائيات كثيرة تنقلت في "المتنبي" بكاميراتها، والمتواجدون، على قلتهم، توزعوا بين أدباء وأكاديميين حصراً، لم أرَ أحداً من شريحة الإعلاميين أو الفنانين على الاطلاق، لا رسام ولا ممثل ولا مطرب ولا عازف ولا مخرج ولا سيناريست.