حميد المختار
في كل عام يتجدد الحزن ويتفجر الطقس الشعبي في الوجدان والأرواح التواقة للتواصل الروحي والإنساني مع فكرة النهضة الحسينية ليس في العالم العربي والإسلامي حسب وإنما في العالم اجمع، وذلك حين فطن المؤرخون والباحثون الغربيون لرمزية النهضة الحسينية واستعذبوا تكرار السيرة الحسينية، فكانت نهضته تمثل ضمير الأديان بالنسبة لهم وضمير الأديان في الفكر المسيحي الغربي اختصر بوصيتين: أحب الرب إلهك وأحب قريبك كنفسك، لذلك ترى مفكري وفلاسفة وثوريي العالم أجمع على اختلاف اديانهم ومشاربهم واتجاهاتهم يتفاعلون مع هذه النهضة التي اوقفت التاريخ وصارت حدا فاصلا بين عهدين، عهد ظلم وخنوع وعهد ثورة وشهادة، ومن هناك توالت الثورات الفكرية والتحررية ضد كل أشكال العبودية والظلم والتجبر ومن هؤلاء (غاندي) الذي يقول: لقد طالعت بدقة حياة الحسين شهيد الإسلام الكبير ودققت النظر في صفحات
كربلاء واتضح لي أن الهند اذا أرادت أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين.. وكذلك يقول الألماني (ماربين): ان الحسين كان يبث روح الثورة في المراكز الإسلامية المهمة كمكة والعراق وأينما حل، فازدادت نفرة قلوب المسلمين التي شكلت مقدمة الثورة على بني أمية، وكذلك الأمر مع الكاتب (انطوان بارا) في كتابه (الحسين في الفكر
المسيحي).
- إن ثورة الحسين كانت أول ثورة سجلت في تاريخ الاسلام وفي تاريخ الاديان السماوية الاخرى، ماكان منها على مستوى المبادئ او القيم العقائدية،
بينما يرى المستشرق الألماني كارل بروكلمان.
- الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين، قد عجلت في التطور الديني لحزب علي، وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء اقدس محجة، لهذا يرى المفكرون الغربيون ان نهضة الإمام الحسين وتضحيته بنفسه وبأهل بيته وصحبه في سبيل دينه ورسالة جده إنما كانت تضحية خالدة لن تنتهي وتستعر إلى أبد الدهر.. فكتب المستشرق الانكليزي د. ج هوكار والمستشرق الفرنسي لويس ماسينيون والاميركي غوستاف غروينيام والألماني ماربين والانكليزي كارلس اسيربريس سايكوس ديكنز، والهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون والباحث الانكليزي جون اشر والمستشرق الانكليزي ادوارد براون وكثيرون غيرهم كتبوا بما يمليه عليهم ضميرهم المهني والانساني ودونوا اراءهم بكل حرية وتجدد حتى صار الحسين شعلة الثورة الدائمة في العالم ضد الظلم والطغيان، وشعارا محفورا في قلوب الثوار الذين يريدون أن يحرروا ذواتهم وبلدانهم من نير الظلم والتعسف والعبودية، ومن هنا فقد ارعبت هذه الفكرة عروش الدكتاتوريات والطواغيت لأن الدم مهما كان أعزل سينتصر على السيف وعلى الجلاد مهما طال أمد الظلم والطغيان، لهذا فقد دخلت الفكرة الحسينية في كل تفاصيل الحياة مما سهل الامر لها ان توظف في الآداب والفنون، شعرا وسردا وفنا تشكيليا ومسرحا وسينما وصارت حياة كاملة خالدة تصبو الى تخليص الانسان من نير عبوديته لتغير ما في نفسه
انطلاقا إلى تغيير المجتمع والسير إلى مستقبل آمن مزدهر ومنفتح وقوي.