ناجح المعموري
اثارت هذه النصوص سؤالاً حول المصطلح الحاضن لها وهو " متوالية قصصية " واعتقد بأن هذا المصطلح اثار اهتماما نقدياً منذ اللحظة التي صدرت فيها حكايات دومة الجندل التي قال عنها القاص جاسم عاصي بانها متوالية قصصية ونشر جهاد مجيد تظهيراً على غلاف دومة الجندل، واثيرت اسئلة عديدة في احتفالية خاصة بالقاص جهاد مجيد اقامها اتحاد الادباء والكتاب / بابل، حاول فيها القاص جاسم عاصي الدفاع عن مصطلحه " متوالية قصصية " وكان القاص جهاد مجيد راضياً بالمصطلح وقد توفرت حكايات دومة الجندل على ما يؤكد وجود علاقة بنائية بين كل الحكايات الخاصة بدومة الجندل، ولأني قدمت المشاركات المحتفلة بحكايات دومة
الجندل ، وهي الاحتفالية الاولى للقاص جهاد في
بابل .
قدمت ملاحظاتي النقدية عن حكايات الجندل بوصفها سرداً واضحاً بعيداً عن التصعيد وغادرت بعمق في تفاصيل التاريخ الخاص بدومة الجندل . وكان جهاد مجيد من الاوائل في تاريخ القصة الذين ذهبوا نحو التاريخ باعتباره نوعاً من السرد الملفت للانتباه وهو مختلف تماماً عن نمطية اعادة كتابة التاريخ مثلما فعل جرجي زيدان من خلال روايات التاريخ الاسلامي، لكن لم يشر احد الى وجود امتداد داخلي في رواياته وشكل نوعاً من التتابع البنائي، بحيث صار رابطاً موحداً بين وحدات السرد، على الرغم من تعددها وتنوعها وانا اعتقد بأن جهاد مجيد وظف التاريخ بريقة متميزة ومثيرة، وهو المبادر للانتباه على اهمية المخيّال ودوره الذي يؤديه في التعامل مع التاريخن ومن هنا كان حضور التاريخ بوصفه سرداً، له مكانة جوهرية، واكدت عليه المناهج اللاحقة، بحيث صار مفهوم التاريخانية مركزياً بالدراسات الثقافية وعلم اجتماع التاريخ. وبرزت في حكايات دومة الجندل اشارات واضحة وقوية لما تعنيه الهوية وما يمكن ان تؤديه من وظائف .
لقد لعب التاريخ / الماضي تنوعاً بالأدوار والدلالات، فالماضي متخندق ولا يمكن شطبه من خزانة الذاكرة، وهو ممتد نحو الماضي باستمرار، وكذلك ممتد نحو المستقبل. وللحاضر ديمومة مصطلح " متوالية قصصية " غير دقيق وضغط على الكثير من الشخصيات الاكاديمية التي انبهرت به ودافعت عن اولويات من اشتغل عليه. وفات على الجميع بأن متوالية مصطلح رياضي وهندسي ايضا . والشائع في الدراسات الاولية للرياضيات بأن المتوالية هي مصطلح رياضي ومثال ذلك : 1: 3 : 5 : 7: 9 وهكذا واقترح ان يكون المصطلح متتاليات سردية وقد لمست وجود هذا في غيمة عطر " للقاص حميد الربيعي وتميزت بذكاء وحضور تنوعات الاماكن وتداخل الوحدات السردية والتحولات باتجاه سيرورات جديدة، ولابد من التذكير بأن د. علي ابراهيم اصدر كتابا تحت عنوان " قصصية الرواية " وهو مصطلحه الذي اختاره متجاوراً مع صبري حافظ الذي اطلق
عليه " حلقات قصصية " ولي عودة ثانية حول هذه التجربة .