سلام مكي
لم يكن الاتفاق على يوم معين، ليكون عيدا وطنيا لجمهورية العراق، أمراً سهلاً، ولا ممكناً، في ظل الانقسام السياسي والصراعات الحزبية، وغياب الرؤية الوطنية للكثير من القوى المتصدية للمشهد السياسي. فرغم الأحداث المفصلية الكثيرة في تاريخ العراق الحديث، وكثرة الأيام التي شكّلت منعطفاً مهماً في التحولات السياسية والحزبية والاجتماعية منذ تأسيس أول حكومة عراقية مطلع القرن المنصرم. فغياب الهم الوطني، وارتفاع مناسيب الانتماء الفرعي وصعود الهويات الثانوية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، أسهم في تشتت الآراء وتعدد المواقف، التي أدت إلى غياب رؤية سياسية وقانونية موحدة تسهم في تعيين يوم ليكون عيداً وطنياً لجمهورية العراق، أسوة بباقي دول العالم التي لديها عيد وطني تحتفل به، وتستقبل التهاني من باقي الدول. في حين العراق، ومنذ تشكيل الحكومة الانتقالية عام 2004 وحتى اليوم، فشلت القوى السياسية في اختيار يوم، ليكون عيداً وطنياً. والسبب كما قلنا عدم وجود رؤية موحدة. فهناك من يرى أنَّ يوم 14 تموز هو العيد الوطني كونه ذكرى تأسيس الجمهورية. لكنَّ هذا الرأي يواجه اعتراضات قوية من قبل بعض القوى والأحزاب والنخب الثقافية. فرغم أنه يوم تأسيس الجمهورية والتحول من النظام الملكي الى النظام الجمهوري، لكنَّ الكثيرين يشكلون على أنه يوم أدى إلى تكالب تيارات وأشخاص متعطشين للسلطة، يوم أسهم في فتح باب الانقلابات والتسلط والفوضى، والبعض رأى أنَّ اليوم الذي يصادف قتل الملك وباقي الأسرة الملكية، لا يمكن أنْ يكون عيداً وطنياً. واستمر البلد يعاني فراغاً من هذا الجانب، ذلك أنَّ العيد الوطني، هو أحد مظاهر السيادة الوطنية والخصوصية التي تتمتع بها كل دولة. ومن غير المنطقي ألا يكون للعراق يوم يمثل خصوصية له.
الأمر الجيد والجميل، هو إعلان السيد وزير الثقافة، وعبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، موافقة مجلس الوزراء على مقترح الوزارة باعتماد يوم 3 تشرين الأول عيداً وطنياً للجمهورية العراقية. وهو اليوم الذي يصادف انضمام العراق إلى عصبة الأمم. وقبوله كعضو فيها، مثله مثل باقي الدول المستقلة. خصوصية هذا الحدث التاريخي والقانوني، أن العراق، قبله لم يكن دولة بالمعنى القانوني، ولم يكن يملك شخصية دولية، بل كان مجرد كيان أو إقليم تابع لدولة أخرى. ومنحه الشخصية القانونية، يعني أنه نال استقلاله وحريته. وهذا من الجانب القانوني الدولي، بصرف النظر عن الواقع ومدى استقلالية القرار السياسي العراقي بعد إعلانه دولة مستقلة. وهو أمر يشترك الكثير به، وليس العراق
فقط. هذا اليوم هو تاريخ ولادة العراق الحديث واعتباره دولة مستقلة ذات سيادة، يمارس حقوقه الدولية مثله مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. وهو يوم عابر للحدث المذهبي والاثني، يوم يمثل العراق بأسره ولا يخص جهة معينة. وحري الاحتفال به.