ستراتيجيَّات تنمية الموارد الماليَّـة في المصارف
اقتصادية
2020/09/06
+A
-A
أ. د. فارس عبدالله الجنابي
تؤدي المصارف دورا مهما في الاقتصاد الوطني، فهي تتولى عملية جذب وجمع المدخرات من الأفراد والمؤسسات والشركات والوحدات الحكومية، ثم توفيرها للراغبين بالاستثمار والتمويل للقطاعات والنشاطات الاقتصادية، التي تسهم في تحقيق الناتج القومي وعلى وفق ضوابط وتعليمات البنك المركزي، وهذا يعني بأن مهمة المصارف تنطوي على عملية جذب وتعبئة المدخرات من الافراد والوحدات الاقتصادية من وحدات (الفائض) وتقدم القروض للوحدات الاقتصاديه للافراد والشركات والوحدات الحكومية التي تمثل وحدات (العجز).
حيث يسهم الجهاز المصرفي في امداد الانشطة والقطاعات الاقتصادية والانتاجية المكونة للاقتصاد الوطني (بالاموال) لتنمية تلك القطاعات، بما ينعكس في النهاية على رفاهية وتقدم الامم والشعوب، ولقد واجهت المصارف المنافسة الشديدة، في ما بينها للتحكم بالسوق المركزية ولذلك توسعت أنواع الخدمات المقدمة إلى الزبائن بشكل واسع جدا، كما تقوم معظم المصارف بتقديم خدمات جديدة يوميا من اجل الاستحواذ على اكبر عدد من الزبائن ومن أجل تحقيق الأهداف المرسومة بكفاءة وفاعلية، لذلك نجد أن أنواع الخدمات المقدمة من قبل المصارف متنوعة ومتعددة بشكل يصعب حصرها .
ولغرض خلق جهاز مصرفي قادر على اداء دوره الفعال في تحريك الاقتصاد الوطني والوقوف امام المنافسة في سوق راس المال الدولي، فقد ألزمت المصارف بتطبيق قرارات لجنة (بازل) للرقابة المصرفية وذلك بوضع السياسات التمويلية، التي من شأنها مساعدة البنوك لتكييف اوضاعها وتسهيل اعمالها في تمويل التجارة الخارجية .
مكونات النظام المصرفي :
وقبل التطرق الى ستراتيجات تنمية الموارد المالية للمصارف دعما للاقتصاد الوطني، لا بد من المرور على مكونات النظام المصرفي في العراق.
يتكون النظام المصرفي من الآتي :
1 - البنك المركزي: وهو بنك البنوك والمشرف على النقد الوطني ومعادلته بالنقد الاجنبي وهو المشرف على السياسة الائتمانية لجميع المصارف العاملة في الدولة ويحتفظ بحسابات الحكومة ويؤدي دور المستشار النقدي لها .
2 - المصارف التجارية: تقوم هذه المصارف بقبول الودائع من الافراد والهيئات التي تدفع عند الطلب .
3 - مصارف الاستثمار: توظف هذه المصارف اموالها في المشروعات التجارية والصناعية لأمد طويل، اضافة الى اشتراكها في انشاء الشركات واقراضها لمدة طويلة، وهذه المصارف تقبل الودائع حالها حال المصارف التجارية .
4 - المصارف المتخصصة: تعتمد هذه المصارف على مصادرها الداخلية بالقيام بوظيفتها، أي الاعتماد على مواردها الذاتية ولا تعتمد على الودائع التي لا تشكل مصدرا يذكر من مصادر تمويلها وهي غير مهتمة بتجميع الودائع كونها تركز على ترصين راس مالها بالدرجة الاولى، الذي تعتمد عليه في تنفيذ سياساتها الاقراضية، وهذه المصارف هي المصارف الصناعية والمصارف الزراعية والمصارف العقارية وغيرها .
5 - المصارف الاسلامية: تعتمد هذه المصارف على مبدأ المشاركة او المضاربة الاسلامية ولا تتعامل بالفائدة المصرفية وحسب الشريحة الاسلامية، حيث تحرمها وتعدها ربا، وهي مصارف تجارية، بالنظر للصفه الغالبة على انشطتها .
وقد اهتمت المصارف على مدى زمن طويل بتنمية الودائع كونها المصدر الاساس للعائدات والارباح، لشعورها بأن زيادة الودائع المصرفيه تتطلب تفعيل دورها وتطويره وتحليل العقبات التي تحول دون القيام بمهامها في استقطاب المزيد من الزبائن والمتعاملين في القطاع المصرفي، ولضمان تمكن المصارف من مواجهة المنافسة في السوق المصرفيه، لا بد لها من وضع ستراتيجيات لتنمية الودائع المصرفية وتطوير خدماتها المصرفية والاستفادة من ثورة المعلومات والاتصالات.
ماذا يقصد بالوديعة المصـرفية؟
تعد الودائع (المصدر الرئيس) لاموال المصارف التجارية ويليها في الاهمية راس المال الممتلك وهي شريان الحياة في المصارف، لانها أهم مصادر الاموال فيه، كذلك فإن المصارف تؤدي خدمة مهمة للاقتصاد الوطني بقبول الودائع، نظرا لما يؤدي ذلك الى تسهيل عمليات الدفع الناجمة عن التبادل التجاري وتشجيع الادخار واستخدام الاموال في المجالات الاقتصادية المختلفة .
يقصد بالودائع ذلك (الاتفاق الذي يتم بمقتضاه ان يدفع المودع مبلغا من النقود للمصرف بوسيلة من وسائل الدفع ويبنى على ذلك خلق وديعة تحت الطلب او لاجل يحدد بالاتفاق بين الطرفين) وينشأ عن تلك الوديعة التزام مصرفي بدفع مبلغ من وحدات النقود القانونية للمودع او لأمره عند الطلب او حينما يحل الاجل كما يلتزم البنك بدفع ارباح على الوديعة، وتسعى وحدات الجهاز المصرفي الى جذب اكبر قدر من الودائع عدد كبير من الادوات والعناصر الجاذبة للمدخرين، من بينها سعر الفائدة او العائد على الودائع.
وكما تشير الدراسات المصرفية فإن المصارف تعاني بشكل عام من ضعف في معدل الودائع المصرفية وفي جذب الودائع من خارج الجهاز المصرفي مما ادى الى اضعاف الجهاز المصرفي في النشاط الاقتصادي وظهور مشكلة المخاطر في المصارف .
أنواع الودائع المصرفيَّة:
1 - الوديعة الجارية: وتشير الى ذلك (الاتفاق بين الزبون والبنك، حيث يقوم الزبون بموجبه بايداع مبلغ من النقود لدى البنك على ان يكون له الحق في سحبها من دون اي اخطار مسبقة) لذلك تسمى احيانا (ودائع تحت الطلب) حيث يتم السحب منها بالشيكات او ايصالات او اوامر دفع لصالح الغير وتأخذ دائما على شكل حسابات جارية، ويعد الزبون مقرضا للبنك الذي يودع لديه وديعة على شكل حساب جار وفي هذا النوع من الودائع، لا يجوز أن يدفع البنك فائدة على الوديعة الجارية، حيث تكون هذه الودائع مضمونة على البنك، تمثل الودائع الجارية نسبة كبيرة من المعروض النقدي، لذلك تعد جزءا من القوة الشرائية للبنك، ويعد هذا النوع وسيلة من وسائل الدفع .
2 - ودائع التوفير: وهو عبارة عن (اتفاق بين البنك والزبون يودع بموجبه الزبون مبلغا من المال مقابل الحصول على ارباح على ان يكون للزبون الحق في السحب من الوديعه في اي وقت يشاء) دون انذار مسبق، ويحمل صاحب الوديعة دفترا يسجل فيه المبالغ المودعة والمبالغ المسحوبة والأرباح المستحقة ويمكن ان يتقدم بهذا الدفتر لفرع المصرف، اذا رغب في ايداع او سحب مبالغ من جديد، توفر هذه الوديعه ميزة الجمع بين السيولة والعائد، حيث يمكن للمودع الحصول على عائد مع عدم التضحية بالسيولة الحاضرة لمدخراته، خاصة مع زيادة حدة المنافسة المصرفية.
3 - الودائع الثابتة: تسمى أحيانا ودائع الاخطار، والمودعون في هذا النوع من الودائع يختارون الفترة الزمنية، التي يتخلون فيها للمصرف عن اموالهم لقاء فائدة معينة (ولا يحق لهم سحب المبالغ قبل استحقاق الوديعة والا فقدوا الفائدة)، ومن الطبيعي فإن بقاء الوادئع لفترة طويلة لدى المصارف، فان ذلك يشجع على (استثمارها) في فروع الاقتصاد الوطني المختلفه وتغطية العوائد العالية التي يدفعها على الفوائد .