الاقتصاد الرقمي

اقتصادية 2020/09/06
...

محمد شريف أبو ميسم
على الرغم من التشابك المفاهيمي بين مصطلحي الاقتصاد الرقمي واقتصاد الانترنت، الا ان المختصين في علوم تكنولوجيا المعلومات يرون في الأول أكثر تقدما وتعقيدا من الثاني، الذي يتمثل بالقيمة الاقتصادية لاستخدام شبكة الانترنت فقط، من خلال اختزال حلقات الترهل في الأداء وتحفيز التبادلات والتداولات، وتقليل فرص ممارسات الفساد، بما يعني ان اقتصاد الانترنت هذا ،قائم على مخرجات الرقمنة وحسب. 
فيما ينطوي مفهوم الاقتصاد الرقمي على مساحة أعمال قائمة على بنية رقمية هائلة، اذ لا يكفي استخدام شبكة المعلومات لاداء المهام التي تتم تقليديا لدى العاملين في القطاع العام أو القطاع الخاص، بل تكون التحولات الرقمية مدعاة لولادة مجتمع رقمي في حاجة ملحة الى استخدام التقانات لغرض تنفيذ المهام بشكل أفضل وبجودة عالية خلال فترة زمنية قصيرة ، حينها تكون المخرجات مختلفة تماما عن ذي قبل. الأمر الذي يتطلب الى جانب البنية الرقمية التي تكون من أبرز ملامحها هو الوصول الى خدمة انترنت عالي السرعة وبكلفة تتناسب ومعدل دخل الفرد ، ورفع مستوى المهارات لدى الأفراد وتوسيع نطاق النظام الرقمي لريادة الأعمال ، فضلا عن أهمية وجود مؤسسات اقتصادية وعلمية معنية بالمعالجات والتطوير الرقمي وبخلاف ذلك يكون الحديث مقتصرا على اقتصاد قائم على الانترنت وحسب. 
لقد استطاعت دول عديدة اللحاق بركب العالم المتطور، والخروج من حالة الركود الاقتصادي عبر اعتماد ستراتيجية رصينة نحو التحول الرقمي بكل يسر، بعد أن ثبت ان القوة الرقمية هي الدافع الرئيس للنمو الاقتصادي في هذه المرحلة من التاريخ.
وفي هذا الاطار هنالك ثمة تجارب عالمية تحت هذا المنحى، واستطاعت الخروج من عنق الزجاجة التقليدية في التعاطي مع حلقات القطاعات الاقتصادية اعتمادا على المنهج العلمي الذي يؤسس لولوج بيئة الأعمال الى مساحة الاقتصاد الرقمي.
من هنا يمكن القول ان تسليط الضوء على أهمية التحول الرقمي في البلد بات حاجة ملحة، حيال القفزات الهائلة التي يشهدها العالم في هذا الاطار، وللخروج من حالة التخبط الاقتصادي الناجمة عن التمسك بالأدوات التقليدية في المعالجات.
وما دمنا هنا في سياق التأسيس لبيئة الكترونية تستهدف الوصول الى مناخ معرفي يؤسس لتطبيقات الحوكمة، بما فيها تطبيقات الحكومة الألكترونية والسعي باتجاه العمل بشبكة الجيل الرابع ، فان هذا التأسيس يمكن أن يوظف في سياق ارادة وطنية قائمة على منهج علمي وستراتيجية رصينة، ليشكل منطلقا لاقتصاد رقمي تتكامل فيه المؤسسات العلمية مع القطاع العام والقطاع الخاص على أساس 
شراكة حقيقية، توظف فيها الطاقات البشرية والموارد المالية بشكل تكون فيه الدولة بمثابة القائم على هذه الستراتيجية والراعي الرسمي لها، فيما يترك للقطاع الخاص حرية الاستثمار في ظل التسهيلات المصرفية والضريبية في اطار الزام بضوابط منهج العمل وتوظيف الاختصاصات في علوم تكنولوجيا المعلومات حصرا. والخروج من اسلوب العمل القائم على ردات فعل الحاجة للتعاقد مع شركات لاداء خدمات محددة فقط.