- 1 -
لن تذوق الأسرةُ الاستقرار ولن يعبق في أجوائها شذا المحبة والانسجام ما لم تكن الثقة موجودة بين افرادها. وما يقال عن الأسرة يقال عن كل الناس الآخرين فالثقة أساس التعامل في المجتمع.
- 2 -
والمشكلة اليوم في العراق وفي لبنان وفي كثير من البلدان العربية والاسلامية هي أنّ الثقة المطلوبة بين المسؤولين والمواطنين اهتزت الى حد بعيد.
والأسباب كثيرة، وأهمها: اعتماد المحاصصات الفئوية والطائفية والقومية، بدلاً من اعتماد (المواطنة) في التعويل على الكفاءة والنزاهة والوطنية والخبرة للنهوض بأداء المسؤوليات، مضافا الى الذاتية، والمحسوبيات والمنسوبيات التي ما انزل الله بها من سلطان. ولقد بلغت المتاعب الناشئة من وراء ذلك الى حد لم يعد قابلاً للتحمل.
- 3 -
ولا نريد ان نستعرض في هذه المقالة الوجيزة كل المجالات والحقول، التي ضاعت فيها الثقة المطلوبة فذلك مالا يُدْرَكُ بسهولة . ونريد فقط الاشارة السريعة الى أنّ الكثير من الكتّاب والمفكرين فقدوا ثقتهم بالقراّء/ الذين استحوذت عليهم العناية بما ينشر في المواقع الالكترونية على ما ينشر في الكتب والمجالات والصحافة، وكأنّ الكاتب يقول:
لمن أكتب في ظلّ هذا الانصراف الرهيب عن القراءة؟ ومن هنا فنحن بحاجة الى نمط من القُرّاء يُعيد الثقة الى العلماء والمفكرين والأدباء ويجعلهم يعتقدون أن نتاجهم لن يضيع.
- 4 -
ومن خلال تجربتي الشخصية وما يصلني من رسائل وتعليقات على ما أكتبه من مقالات في الصحف العراقية، وما أنشره هنا وهناك، أستطيع القول: بأن القارئ الالمعي موجود، ولكنّه قد لا يكشف عن نفسه، فالقول بانّ القراءة قد اختفت من الوجود لا يخلو من تهويل
ومبالغة.
- 5 -
وقد تلقيت اليوم 1 / 9/ 2020 رسالة من الخطيب الأديب الشيخ ماجد الصيمري أكدّت لي انّه ليس من القُرّاء فقط، بل من المتابعين بدقة لما ينشر حتى في المواقع الالكترونية، وأسمح لنفسي أن أطلعكم على ما كتب مُعلقا على مقالتنا الموسومة بـ (اطردوا الشيطان عنكم) بعد أنْ كان قد قرأ قبل يوم مقالتنا الموسومة بـ (ولماذا الصمت) واليكم ما كتبه: (مقال شامخ تخطُّه ريشة تولّعت كلماتها بالوقوف في وجهكلّ ما يمتُّ الى السلبية بصلة. بالأمس كانت ثورة كلمات العلّامة الصدر قد رفعت شعارمحاربة الصمت والصامتين.. فالصمت حيث يجب الكلام من أكبر الكبائر في منظار داعية الإصلاح الذي آلى على نفسه أن يسدّ في وجه الشيطان مساربه الخفيَّة التي يلج منها الى قلوب وعقول ابناء الأُمّة المؤمنة. واليوم وفي هذه الحلقة من حربه على السلبيين والانهزاميين يعلنها صيحة بوجه اليأس الذي يأتي على الأخضر واليابس إذا لم نقف بوجهه يدا بيد لكي نوقف أدواته الهدّامة وقوارضه الملعونة . ولا يخفى حجم الحاجة الى مثل هذا المنهج الذي يرفع مستوى مناعة المجتمع المؤمن مجتمعا ومنفردا في مستوى التحدِّي الذي نواجهه في هذه المرحلة العصيبة بين الخير والشر وبين الحق والباطل وبين القبح والجمال). فله الشكر منا مُضاعفاً: مرّةً: لما أبداه من ألطاف، ومرّةً لتعزيزه ثقتنا بوجود القراء اللامعين.