12 يوماً

علوم وتكنلوجيا 2020/09/09
...

نزار عبد الستار
طُلب من توماس اديسون ايام كان شابا طموحا في الثالثة والعشرين من عمره اصلاح ماكنة نسيج في مدة اقصاها 12 يوما. وقتها كان الانجاز العلمي ضربا من السحر والجميع يربطونه بالمعجزات السماوية. لم تكن عقلية اديسون حينها متجاوبة مع الاشياء الشائعة وكل احلامه مأسورة في اختراع  اجهزة تطور القدرات البشرية وتختزل الزمن وتزيد الانتاج.
صاحب مصنع النسيج كان يثقق بعبقرية اديسون ويعاني من ضائقة مالية واذا لم تعمل هذه الماكنة في ظرف 12 يوما فانه سيشهر افلاسه وتضيع آماله الى
 الابد. 
المخترعون في العادة يحصلون على افكارهم من الطبيعة نفسها وفي احيان ضيقة من غباء الذين يتصدون
 للمشكلات. 
لم يكن اديسون شغوفا بالاعمال التي تجلب النقود ولا تحقق الشهرة لذلك لم يكترث بالمهمة واخذ يماطل ككل العباقرة المجانين. حاول صاحب المصنع ان يضاعف اجر اديسون كي يحصل على اهتمامه الا ان الاخير خرج في رحلة مع اصدقائه وغاب اسبوعا عن
 البلدة. 
وبعد ان عاد اديسون منشرحا عاتبه صاحب المصنع على استهانته وعدم شفقته فاستغرب اديسون موقف الرجل وقال له انه كان يعمل وكل هذه المدة التي قضاها في الاستجمام كانت مخصصة للتفكير. استسلم الرجل لقدره وانتظر الا انه كان يائسا واخذ يرتب اوضاعه كي يعلن افلاسه.
قبل انتهاء المدة باربعة ايام قدم اديسون ورقة احتياجات الى صاحب المصنع مع طلب بالا يدخل عليه احد والا يتلصص على شغله احد. 
المفاجأة الكبرى والمذهلة كانت في قائمة الطلبات التي لم تكن سوى علبة سيكار فاخر ومشروبات وانواع من الجبن واللحم المقدد. 
غاب اديسون في قاعة المكائن وغلقت كل الابواب وبقي العمال ومعهم الرئيس المبتلى في الخارج ينتظرون. 
مرت الايام ولا شيء يدعو الى الاطمئنان سوى الضجة المعدنية التي تصدر من الداخل بين الحين والاخر وتثير القلق اكثر.
خرج اديسون فجرا والسيكار بفمه. 
كان متسخا وقال لصاحب المصنع الذي كان يرتجف خوفا: لقد عطلت ثلاث ماكنات لا يعملن اي شيء سوى انفاق المال احداهما ماكنتك التي كنت ستعلن افلاسك
 بسببها.