الأطر القانونيَّة لحماية المستهلك من الغش التجاري

اقتصادية 2020/09/10
...

 القاضي: كاظم عبد جاسم الزيدي
يعدُّ المستهلك أحد مقومات الحركة الاقتصادية والذي من خلاله تدور عملية الانتاج السلعي والخدمي ويمثل المستهلك طرفا رئيسا فيها، ولكنه في الوقت نفسه هو الطرف الاضعف وكثيرا ما يتعرض الى الغش والغبن والتدليس وغيرها.
ويعد الغش التجاري من الظواهر السلبية، حيث إنَّ له اثارا ضارة بالافراد وامن واستقرار المجتمع وجودة المنتجات الوطنية واهدار للموارد، 
فهذه الافعال تؤثر من ناحية في الاقتصاد القومي للبلد باحداث خلل فيه وعدم التوازن بين التجار المخادعين على حساب طائفة اخرى من التجار الشرفاء، اضافة الى التاثير السلبي في افراد المجتمع ولغرض حماية المستهلك من التعرض للخداع والغش التجاري، فقد حرصت التشريعات القانونية على توفير الحماية للمستهلك ومنها المشرع العراقي، الذي اصدر قانون حماية المستهلك رقم (1) لسنة 
2010. 
حيث إن حماية المستهلك من اهم الواجبات الاساسية للدولة التي تقع على عاتقها مسؤولية ضمان المستوى المناسب من الحياة الكريمة والحصول على السلع والخدمات والحاجات الكفيلة بتحقيق رغبات كل فرد، وقد تزايدت ظاهرة الغش في التعاملات التجارية ويقصد به اظهار الشيء على غير حقيقته، والغش التجاري قانونا هو كل فعل عمدي ينصب على سلعة معينة بشكل مخالف للقواعد المقررة لها في 
القانون او في اصول الصناعة، ومن شأنه ان ينال من خواصها او فائدتها باستعمال وسائل الخداع والتغرير والتدليس والتزوير والحيلة، وقد جرم المشرع العراقي الغش في التعاملات التجارية في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل وقانون حماية المستهلك رقم (1) 
لسنة 2010 .
وقد تناولت المادة (9 ) من قانون حماية المستهلك الركن المادي لجريمة الغش التجاري، فحظرت على المجهز والمعلن إخفاء حقيقة المواد المكونة والمواصفات المعتمدة في السلع والخدمات كافة واستعمال القوة او الممانعة مع لجان التفتيش وممثلي الجهات الرسمية ومنعهم من القيام بواجباتهم المناطة بهم او عرقلتها بأية وسيلة كانت وانتاج او بيع او عرض او الاعلان عن سلع وخدمات مخالفة للنظام العام والاداب العامة واخفاء وتغيير او ازالة او تحريف تاريخ الصلاحية واعادة تغليف المنتجات التالفة او المنتهية الصلاحية بعبوات واغلفة تحمل صلاحية مغايرة للحقيقة ومضللة للمستهلك، وان هدف المشرع العراقي من تجريم فعل الخداع هو لتحقيق مصلحة عامة بالحد من ارتكاب فعل الغش التجاري عموما لما يتعامل به الناس من سلع 
وخدمات.
 وجرم المشرع العراقي الغش التجاري في المادة (467) من قانون العقوبات، والتي عاقبت بالحبس من غش متعاقدا معه في حقيقة بضاعة او طبيعتها او في صفاتها الجوهرية او العناصر الداخلة في تركيبها او نوع البضاعة او مصدرها في الاحوال التي يعد فيها ذلك سببا اساسيا في التعاقد او 
كان الغش في عدد البضاعة او مقدارها او مقاسها او كيلها او وزنها او طاقتها او كان في ذاتية البضاعة اذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه وغاية الجاني من وراء ذلك حصول المعاقد الاخر على شيء او بضاعة غير البضاعة التي المتفق 
عليها.
 وجريمة الغش التجاري من الجرائم العمدية يشترط لقيامها ثبوت القصد الجنائي، الذي من شأنه خداع المستهلك و ادخال الغش عليه وعلى السلعة و نجد من الضروري، اعادة النظر بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (464) من قانون العقوبات وهي عقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنة او بغرامة لاتزيد على مئتي الف دينارعلى كل من اخل بطريق الغش او باية وسيلة اخرى غير مشروعة بحرية أوسلامة المزايدات او المناقصات، التي لا تتعلق بالحكومة وقد حددت المادة العاشرة من قانون حماية المستهلك عقوبة 
الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة اشهر وبغرامة لا تقل عن مليون من يمارس الغش والتضليل في حقيقة المواد المكونة والمواصفات المعتمدة في السلع والخدمات او بيعها او الاعلان عنها وغيرها من اعمال الغش المنصوص عليها في المادة التاسعة من قانون حماية المستهلك وعاقبت المادة (467) من قانون العقوبات بالحبس مدة لا تزيد على سنتين و بالغرامة كل من يغش في المعاملات 
التجارية.
كما عاقبت قوانين مزاولة مهنة الصيدلة و قانون وسم المصوغات و قانون رسم الموازين و المقاييس والمكاييل التجارية الغش التجاري، اضافة الى ذلك نصت المادة (99) من قانون الصحة العامة رقم (89) لسنة 1981 على عقاب الغش في المواد الغذائية او بيع وتداول الاغذية المغشوشة، ونجد ان العقوبات لا تتناسب مع الجرم المرتكب فبيع 
وترويج الاغذية الفاسدة او الادوية المغشوشة او استيراد المنتجات المنتهية الصلاحية هي جرائم خطيرة تتعلق بصحة وسلامة المواطن العراقي، ولا بد من تفعيل دور الرقابة التجارية والرقابة الصحية وتشجيع وتطوير اوضاع السوق، بحيث توفر للمستهلك مجالات اكثر للاختيار ومراقبة السلع الرديئة، حفاظا على حماية المستهلك العراقي مما يصيبه من اضرار نتيجة اقتناء هذا النوع من 
السلع.