ريسان الخزعلي
الاتصالات في العمل الاداري، تُمثل تداول القرارات والأوامر والتوجيهات والتعليمات بين الرئيس وما يرتبط به من تشكيلات رئيسة . والرئيس هنا ممكن أن يكون رئيس وزراء، وزيرا، وكيل وزارة، مدير عام، مديرا ، وعادة ً ماتتم هذه الاتصالات بطرق مختلفة: الاتصال الشفاهي المباشر– وجهاً لوجه، الاتصال الشفاهي غير المباشر- بواسطة آخر، الاتصال الهاتفي، الاتصال بالمراسلة الكُتبيّة الموّثقة، وهذه الاتصالات المتنوعة تُحتمها ضرورات خاصة يُقدّرها الرئيس أساسا، اعتمادا ً على الخبرة والتأهيل الاداري .
في كل هذه الطرق، عدا طريقة الاتصال بالمراسلة الكُتبيّة الموثّقة، يكون احتمال دقّة التنفيذ غير مضمون، بسبب: السرعة، عدم توضيح التفاصيل، طبيعة الكلام المُتبادَل، تباين الفهم، عدم تقدير الأهمّية، عدم تحديد التوقيت المطلوب للإنجاز، نسيان الاجابة.. الخ . وكنتيجة منطقية، يحصل التأخير في التنفيذ، وتكثر التعللات والتبريرات، أما في الاتصال الكُتبي الموّثق تكون فُرص ( الإطلاع والفهم والتنفيذ والمتابعة ) في وثوقيّة أعلى وأدق من غيرها .
إنَّ الاتصالات المُحكمة مهمة جداً، لأنها ترتبط بإنجاز وتحقيق أهداف متعددة، من أهمها الاقتصادية والخدمية وحاجات المجتمع، سواء كان ذلك في العمل الإداري الوظيفي الحكومي أو في المجالات الأخرى التي يحكمها هيكل اداري خاص بها. ولكي تكون الاتصالات مضمونة الإرسال والتوصيل والتلقّي والتبادل، وبالتالي تحقيق النجاح، نوضّح بعض ما يواجهها من اشكاليّات، وهي ليست مستعصيّة على التجاوز :
عندما يوجّه الرئيس( أ ) قرارات وأوامر وتعليمات وطلبات إلى تشكيلاته ( ب، ج، د ) على سبيل المثال، فإنها قد تكون على المسار الخطّي من وإلى: أب، أج، أد..، ومثل هذا المسار لا يضمن الرد والإجابة من ب، ج، د إلى أ ..، إذاً لابد من التصحيح ليكون: أب ب أ، أج ج أ، أد دأ وبذلك يكون أ قد تلقّى الردود . ومع هذا التعديل، إلّا أنَّ ب، ج، د لم يحققوا أيَّ تواصل بينهم في الوقت ذاته وبخاصة عندما يكون العمل المطلوب منهم مشتركا، وهنا لا بدّ من تعديل آخر للمسارات كي تكون، بالاضافة لما تقدّم: ب ج ج ب، ب د د ب، ج د د ج ..، وبذلك تتحقق دورة المعلومات بين التشكيلات مجتمعة، وحينما نتمثل هذه المسارات بخطوط بيانيّة، سنجد هنالك دائرة كبيرة تُحيط بدوائر متعددة، ومن هنا جاءت فكرة ( البريد الدوّار).
لغرض تحقيق دوران المعلومات وضمان الوضوح والدقّة في العمل، حيث أن َّ اللجوء إلى اسلوب ( البريد الدوّار ) يوفّر ضمانة نهائية، بعيدة عن الأخطاء والهفوات المالية والادارية والتنفيذيّة، والمقصود بهذا البريد – الذي غاب الآن عن سياقات العمل، هو اعداد ملف اسبوعي أو نصف شهري يتضمن القرارات والأوامر والتعليمات الصادرة والانجازات المتحققة في الفترة المحددة، ومن ثم َّ يُدوّرهذا الملف بين مسؤولي التشكيلات وحسب التخصص، للإطلاع وبيان الملاحظات والمخالفات الفنية والادارية والمالية والقانونية والرقابية، إن وجدت، وطرق المعالجة المقترحة ورفعها إلى الرئيس، وبذلك يتحقق موقف الأداء السليم والشفافية العالية والمسؤلية المشتركة التضامنية، اضافة إلى أن َّ الرئيس سيكون على أوسع اطّلاع بما يجري بعيداً عن العثرات البيروقراطية .
إنَّ المراجعة المستمرة لطرق الاتصالات وتعديلها كل ما كان ذلك ضروريّا وإدامة حركة وتدوير البريد الدوّار- كخُلاصة لما آلت إليه الاتصالات، يضمن دلالة المقولة: إنَّ الإدارة فن.