التشكيلية أفين كاكايي رحلة البحث عن الوطن

ثقافة 2020/09/12
...

وجدان عبدالعزيز
 
ما زال الفن التشكيلي العراقي واحدا من ابرز واهم الفنون، التي استطاعت وببراعة خالصة نقل الصورة العراقية الى المتلقي، سواء بالداخل او الخارج، وكانت اللوحات الفنية هي الناطقة، حيث اسهمت في نقل مواقف الفنان العراقي الرافضة لما هو قبيح، والقابلة لجماليات الحياة، كالسلام والحب، اي ان الاعمال الفنية عبارة عن احتجاجات بواسطة تلك الالوان من رفض او قبول.
وكانت ألوان الفنانة اڤین کاکایي واحدة من هذه الالوان المحتجة والباحثة عن جماليات الفن والابداع، وهي من مواليد مدينة كركوك 1979، حيث اشتركت في عدة معارض خارج العراق، كونها انسانة مغتربة، لكن العراق وطنها كان حاضرا في ذهنها، وان جوابها على سؤال حول تأثرها بالمدارس العراقية، خير دليل على تمسكها بالروح العراقية، فقالت:
 (نعم تأثرت بالمدارس العراقیة کمدرسة المرحوم الفنان الرائد جواد سليم، ومدرسة البعد الواحد للفنان المرحوم شاكر حسن آل سعيد والمرحوم فائق حسن وتاثرت بالجيل بعدهم بشكل واضح، فعالميا أصبحت بصمة واضحة للفن العراقي، وما زلتُ في بحث مستمر لأجد رؤى فنیة خاصة عندي وهذه لیست بالمهمة السهلة، بل احتاج الى العمر کله والمزید المزید من العمل کي اصل الی 
غایتي..).
 
رمزية لونيَّة
اعتمدت الفنانة کاکایي على الالوان الباردة، كانطباع اولي، لتعيش اجواء طبيعتها الخاصة، والرمزية اللونية وعلم النفس اللوني مبنيان ثقافيًا على روابط تختلف باختلاف الزمان، والمكان، والثقافة.. ففي الواقع، قد تكون للّون الواحد رموز مختلفة جدًا وآثار نفسية في المكان نفسه، لأن الرمزية اللونية هي مجال مستمر للدراسة تعتمد على مجموعة كبيرة من الأدلة التراثية القصصية، لكن لا تدعمها بيانات من دراسات علمية مثبتة، يقول ارسطو: 
(إنما يتحقق الجمال في النظام والحجم)، وتنقلتْ الفنانة كاكايي بين الانطباعية والتجريد، لكنها وجدت متعتها في التجريد، وقد يكون التجريد اصعب انواع الرسم.. تقول كاكايي عنه: (کان له لعبته الخاصة ومفتاحه یحتاج الی التحسس بالمادة واللون بشکل کبیر وافکار یقف عندها المشاهد طويلا، ليكتشفه بنفسه، لان الفنان ترك له مهمة البحث والاكتشاف وعلى المشاهد أن يستمتع باكتشافه، ليتذوق اللوحة).
 
متن اللوحة
 وقال عنها احمد كاظم نصيف: (كانت تملك رغبة لذيذة مختلفة ومتفردة، تجسدها في متن اللوحة من خلال رومانسية حالمة فيها جاذبية ومتعة بصرية، تعزف من خلالها سمفونية العودة إلى أحضان الوطن؛ التي تتحول بدورها إلى منحدرات فنية عميقة، ومسارات تطرق في نهايتها أحلاماً قد تتحقق؛ في استعادة ما يبدو أنه فقد للأبد؛ هذه الرغبة مع الزمن بالذات، تتوحد الآن، وتلمع أكثر من أي وقت آخر، في ضباب الغربة، وعتمة لياليها، وتعيد تشكيل صورة الوطن المهشمة؛ في رحلة البحث عن (الوطن) الفردوس المفقود.
 
تمرد على الواقع
 أفين كاكايي، من الرومانسيين الذين تركوا بلادهم (العراق)، لتعلن تمردها على الواقع، في محاولة منها للبحث عن لغة ثقافية جديدة غير مثقلة بالهموم، وتناسب رهافة حسها؛ إنها تجسد محنة الانسان العراقي المعاصر الذي يعيش حياة متخيلة، بيد ان بذور جذورها ظهرت راسخة في عمق الأرض..)، واستمرت تعيش الحلم.. يقول نتيشة: (ان في الحلم بقية من الانسانية لم تمت وماعدنا اليوم نملك بلوغها عن طريق مباشر)، وفي رأي فرويد بان تحليل الاحلام يقود الى معرفة التراث الاول للانسان، و(ان الفن هو الميدان الاوحد في حضارتنا الحديثة، الذي مانزال نتحفظ به بطابع القدرة المطلقة للفكر، ففي الفن وحده لايفتأ الانسان يندفع تحت وطأة رغباته اللاشعورية، لينتج مايشبه اشباع هذه الرغبات)، فهل كانت محاولات الفنانة أفين كاكايي، قد حققت رغباتها تماما.. ابدا كان اصرارها على الاستمرار والتجدد دليلا قاطعا على انها لم تصل بعد..!!