«المذهب» وإشكاليَّة الهوية

آراء 2020/09/13
...

حمزة مصطفى
 
بعد ساعات من ظهور قوائم القبول في الكلية العسكرية والتي تضمنت حقل المذهب «سني، شيعي» حتى صدر أمر رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإلغاء هذا الحقل من هذه القوائم وسواها في كل مؤسسات الدولة. لكن في الوقت الذي ظهرت فيه الاحتجاجات من قبل رسميين أو نخب إعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي كانت قد صدرت اعتراضات بشأن عدم التوازن بين المحافظات. إذن لدينا نوعان من الاعتراضات يتناقضان لأول وهلة مع بعضهما. فالهبة الرافضة لتكريس الطائفية وهو أمر محمود قابله اعتراضان في الوقت نفسه بين الشكوى من عدم التوازن «المذهبي» بين المحافظات، وبين عدم التوازن على أساس النسب السكانية بين المحافظات. وبرزت على ضوء ذلك وجهات نظر تبدو هي الأخرى شبه متناقضة. فهناك من يرى أن من يطالب بإلغاء المذهب عاكسا بذلك شعورا وطنيا عاما لدى العراقيين، لا ينبغي عليه المطالبة بالتوازن لأسباب مذهبية مرة أو لأسباب انتمائية لهذه المحافظة دون تلك، بينما المقبولون كلهم عراقيون. لكن مع ذلك يبقى السؤال قائما هل أن ذكر المذهب في حقول الدولة يكرس المذهبية، فإن عدم الإشارة اليه يعني تكريس هوية المواطنة؟ نعم، قد يعني ذلك لكن في حال تحقق التوازن الطبيعي في عمليات القبول لا على أساس الإصرار على التوازن الذي هو وجه آخر لكنه مضمر للمحاصصة، أو محاولة تحويل المحافظات الى دويلات صغيرة.
النسب السكانية مطلوبة بالتأكيد لكن على أساس النظر الى العراق كبلد موحد أولا وقبل كل شيء. وجوهر مايمكن قوله هنا إنه في حال تم التعامل وفقا لذلك فمن غير الممكن ظهور اعتراضات هنا أوهناك، إذ المبررات لم تعد قائمة بصرف النظر إن كانت تلك المحافظة أخذت حصة الأسد دون تلك. فمن الناحية المنطقة فإن المحافظة التي ظهر طلبتها «سنة وشيعة» طبقا لحقل المذهب هي نفسها المحافظة التي تشكو قلة الطلبة منها وهم عمليا «سنة وشيعة» أيضا مع الأخذ بنسب التوازن المناطقي لجهة أن هناك محافظات ذات غالبية سكانية شيعية وأخرى ذات غالبية سنية. وعلى ضوء ذلك وبعد الإصرار المحمود على الغاء حقل المذهب فإن المطلوب الآن فعلا العمل على تكريس الحالة الوطنية من خلال تضييق الخناق على الطائفية مناطقية كانت أم سلوكية سياسية تمهيدا لعدم التعامل معها بوصفها أحد.. مستمسكات المحاصصة.